تحاول الدول والمجتمعات والهيئات والمؤسسات التعريف بمرض السكري في شهر تشرين الثاني من كل عام وكل ما يتعلق به وخاصة عندما يصيب الأطفال.
ورغم أهمية المحاضرات والندوات التي تهتم بالجانب الصحي والتغذية إلا أننا سنركز على الجانب النفسي والاجتماعي لدى الأطفال السكريين.
حالة وليس .. مرضاً
في لقاء سابق مع نهاد طهماز متطوعة مع البرنامج الوطني للأطفال السكريين قالت : لا نستطيع القول إن سكري الأطفال مرض بل هو إصابة ، أو حالة يتعرض لها بعض الأطفال في سن معينة نتيجة عدة أسباب ، وهي ليست مرض لأن الطفل قادر على العيش مع الحالة بشكل طبيعي ودون مشكلات في حال تم الاهتمام بهم بالشكل الصحيح وذلك من حيث التغذية الصحيحة ،والوضع النفسي ، والرياضة والأدوية ، فإذا حاولنا توفير هذه العناصر وتنظيمها للأطفال لن يشعروا بالمرض ، ونلغي الفكرة الخاطئة عن خطورة هذه الإصابة .
وأضافت : نحن لا ننكر حاجة الأطفال المصابين للعناية الكبيرة من الأهل والمختصين ومن هنا جاءت أهمية إدخال الدعم النفسي للأطفال إلى البرنامج الوطني للسكري ، فالأطفال السكريون أصبحت نسبتهم كبيرة ، وذلك يعود لأسباب منها ما يتعلق بالوراثة ومنها ما يتعلق بنمط الحياة الخاطئ .
معاناة الأطفال السكريين
وأكدت طهماز : يعاني هؤلاء الأطفال إن لم تضبط نسبة السكري لديهم لأنهم في هذه الحالة سيشعرون بالإرهاق والتعب ، وبالتالي عدم الانتظام بالدوام المدرسي وعدم قدرتهم على مجاراة أقرانهم دراسيا من جهة ، وحركيا من جهة ثانية، أي ممارسة النشاطات ذات المجهود العضلي ومنها الألعاب المحببة ، وتحدث مضاعفات تؤثر على التركيز وشبكية العين والكليتين ، وإضافة لهذه المشكلات الجسدية هناك معاناة نفسية تتمثل في انزعاج الطفل من نظرة الشفقة التي توجه إليه من الآخرين .
الدور الأكبر .. للأهل
أهم المشكلات التي يسببها الأهل للأبناء التشدد الزائد بالمعاملة مع الطفل المصاب ، ولذلك يجب وجود الوعي بكيفية التعامل السوي معه وأحيانا تصادفنا حالات من الأهالي ليس لديهم الثقافة الكافية لذلك .
إضافة إلى الجانب المادي المتمثل بغلاء أسعار الأدوية الخاصة ” الأنسولين ” وتكاليف العلاج .
ونوهت : البرنامج الوطني للأطفال السكريين غطى كل الاحتياجات والخدمات العلاجية والطبية ، ولم يقتصر دوره على ذلك بل هناك جانب دعم نفسي وترفيهي ، وخاصة المناشط والهوايات من خلال إقامة دورات للرسم والموسيقى والأنشطة الترفيهية ، والأهم هو الرضا النفسي والراحة عندما يلتقي هؤلاء الأطفال مع أقرانهم المصابين .
الأطفال السكريون أذكياء،ولكن؟
خصوصية الطفل السكري أنه طالب معرض لكل ما من شأنه أن يعيق تقدمه الدراسي فكونه مريض سكري يحتاج إلى رعاية خاصة ضمن مدرسته وخارجها وهذا يؤدي به إلى بذل طاقة وجهد كبيرين لمجاراة أقرانه في التحصيل الدراسي مما يكوّن لديه حالة نفسية ومشاعر من الإحباط والألم والحزن والخجل ، وغيرها من المشكلات النفسية وخاصة إذا تعرض لحالات الهبوط أو الارتفاع في السكر أثناء تلقي الحاجة التعليمية مما يسبب في تقصيره وفشله.
أسباب التأخر الدراسي
وعن الأسباب التي تؤدي إلى التأخر الدراسي أكدت : منها ما يتعلق بالمدرسة وذلك عندما لا يتوفر له الجو الملائم لإشباع حاجاته ،وعندما تسيطر أساليب الضبط والقسوة التي تدفع بالتلميذ إلى الخوف ثم الغياب المتكرر، عدا عن السخرية والتهكم التي يتلقاها التلميذ المقصر من قبل رفاقه ومعلميه مما يعزز إحساسه بالفشل
ويؤثر على دافعيته للتحصيل. كما أن عدم معرفة الكادر التدريسي « المعلم» بالوضع الدقيق للطفل السكري يؤدي إلى عدم التقدير الصحيح لحالة هذا الطالب ذي الوضع الصحي الخاص والذي يتطلب مراعاة خاصة فمن الممكن أن يتعرض الطفل لهبوط مفاجئ لسكر الدم أثناء وجوده في الصف وهذا يتطلب من المعلم معرفة دقيقة للتعامل مع هذه الحالة كما يضطر الطالب للاستئذان المتكرر للخروج إلى الحمام والتي قد يظن بها المعلم أنها حجة للتهرب من الدرس « إذا لم يكن على دراية
بالحالة» فيمنعه من الخروج مما قد يوقع الطالب في مأزق نفسي وسلوكي كالتبول في الصف مما يعرضه للسخرية أو نظرات الشفقة التي تزيد من تأزمه النفسي أو الدخول في غيبوبة« حماض سكري» يضطره للغياب عن المدرسة.. وبالتالي انخفاض علاماته .
والغياب المتكرر نتيجة الإحراج من الموقف إضافة إلى مواقف أخرى يتعرض لها الطفل السكري أثناء الاستراحة أو دروس الرياضة.. كأن يتعرض الطفل إلى حالة اضطراب سكري تسبب له السقوط في الباحة مما يؤدي إلى تجمهر الطلاب حوله وحدوث شغب يؤثر على استقراره النفسي وهدوئه.
وهناك أسباب اجتماعية وتشمل الظروف البيئية المحيطة بالطفل كالمشكلات العائلية والعلاقة المضطربة بينه وبين أخوته وانخفاض المستوى الاقتصادي والثقافي للأسرة.. وهناك أسباب تتعلق بالطفل السكري نفسه وهي عوامل جسمية عامة تتعلق بنمو الطفل وضعف مناعته وعوامل جسمية خاصة-ضعف بعض الحواس .. وعوامل عقلية حيث يعجز عن استيعاب المسائل المعقدة وعوامل نفسية تتعلق بعدم تكيفه مع إصابته بالسكري.
كما أن الخجل والانطواء وعدم الثقة بالنفس والتقدير المتدني للذات يبعده عن المبادرة بأي نشاط.. والقلق والتوتر الملازمين له داخل المدرسة وخارجها.
البرنامج الوطني للسكري
إن مراعاة الوضع النفسي يؤثر على الوضع الصحي لطفل السكري ولذلك من هنا جاءت ضرورة وجود مرشدين نفسيين واجتماعيين.
إن البرنامج الوطني للسكري يعنى بالمرضى السكريين بكافة شرائحهم العمرية « معالجة دوائية- رعاية طبية- مجال التغذية- البرامج والأنشطة المختلفة- مجال الإرشاد» وهو برنامج تابع لوزارة الصحة وتشرف عليه مديريات الصحة في المحافظات والأطفال جزء من المرضى السكريين ولهم عناية خاصة وهم مشمولون بخدمات البرنامج.
الوضع الراهن
أثرت الحرب على كل مفاصل الحياة ، والحصار الاقتصادي والغلاء في أسعار الأدوية كبل الأهالي الذين لديهم طفل سكري، فقد تراجعت الخدمات التي لها علاقة بتأمين مادة الأنسولين الذي كان يقدمه البرنامج الوطني مجانا وذلك لنقص المادة وغلاء ” شرائط ” فحص الدم الخاصة بالسكري ، وهذا شكل عبئا ماديا كبيرا على الأهل .