ثقافتي هويتي

لا يمكن للتكنولوجيا أن تصنع السعادة للإنسان ،وبالمقابل بوسع الثقافة ذات المدلول الحضاري البشري أن تزرع فوق كوكبنا الأرضي بذور الرفاهية والطمأنينة والأمن والسلام ،وتخلق الفرح للجميع ،ولأن الإنسان المعاصر صار أكثر إدراكاً لضرورة استبدال نسق الرتابة والتوتر والمعاناة بنسق فيه الكثير من ضوابط الإنصاف والتوافق مع العقل الذي انبرى إلى ترجمة الكثير من الفلسفات وجيرها لصالح الإنسان .

فقد استيقظت ضمائر المفكرين ،وهبّت بقوة للبحث عن أسباب شقاء الإنسان المعاصر ،واستخراج وصفات علاجية بغية تخليصه من هذا العبث المأساوي الذي تنتجه آلات المجتمع الحالي ،ماضية بالمجتمعات البشرية إلى مصير مجهول ،بل تجرها إلى حافة الهاوية .

التكنولوجيا ووسائط الاتصال والاستغلال والابتذال ،قفزت إلى مستوى مخيف من القوة والسيطرة والتنوع بصورة لم توفر لأحد الراحة المطلوبة والسعادة المسلوبة ،واكتفت بإغراق  القلة في بحار من المتع الرخيصة والتافهة ،وفي سيول من التبذير ،والانحلال الوقح.

هل ستكون لكل شعب خصوصيته الثقافية ؟أم سيصبح جميع سكان قرية “العولمة “ذوي ثقافة واحدة ؟ إن معظم الشعب العربي يرفض بشدة العولمة الثقافية وذلك بعدم الانبهار بأشعتها المعمية ،ويدعو إلى المحافظة على خصوصية الثقافة المرتكزة على أصول وثوابت تتجلى في إثبات الهوية العربية التي تسعى إلى سيادة السلام والعدل والخير والحق والجمال ، ورفض العنصرية أو التحيز لجنس على آخر أو تفضيل لون على لون ، و اعتبار الناس جميعاً سواسية وإن اختلفوا في بعض الأمور .

إن أساس الثقافة العربية احترام المواثيق الإنسانية والعهود السامية والمواطنة والوفاء والالتزام والتعاون والتكافل والتعاضد والبر مع الجميع ومواكبة التطور والتقدم في جميع المجالات ،ويجب وضع سد منيع أمام الثقافات الوافدة المشبوهة  للمحافظة على خصوصيتنا الثقافية من الذوبان المجاني أو التشويه المتعمد وترك ثقافة “الهامبرغر” و”الكوكاكولا” و”البيتزا” وترك أيضاً الاستماع الأجوف لموسيقا “البوب” والجاز التي ابتدعها العم سام .

ويأتي في مقدمة المحافظة على الخصوصية الثقافية العربية حماية اللغة العربية والتراث العربي والعادات السليمة والتقاليد العريقة في التآخي والإيثار ،مع انفتاح مدروس على معطيات العصر الحديث وتنمية الوعي القومي، وتعزيز الانتماء العربي ،لأن التعددية الثقافية هي الكنز الباقي عبر الأجيال “فهي نتاج انصهار حضارات تعاقبت على هذا الكون منذ بدء الخليقة وهي لا تتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية بل تكملها وتثريها, فيها من مفاهيم راقية وروحانيات سامية بات الغرب في مسيس الحاجة إليها .

ولابّد من الوقوف بقوة وحزم أمام الهجمات الشرسة التي تريد السيطرة على عقول الناس جميعاً ، وكأنهم (روبوتات )يتحكم بها الآخرون , كذلك يريدون أن يضعوا الإنسان في قالب واحد أي يستنسخونه ويلغون فرديته ،وهذا اتجاه مدمر يجب الوقوف في وجهه بحزم وجرأة والمجتمع الدولي بحاجة إلى معرفة خصوصيتنا الثقافية لإثراء التراث العالمي للإنسانية  والتفاعل مع الثقافات والحضارات الأخرى في إطار من الحوار الهادئ والمستمر والمتميز .

نزيه شاهين ضاحي

 

المزيد...
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانوناً بمنح محامي إدارة قضايا الدولة بدل مرافعة شهرياً وإحداث صندوق مشترك لهم ردا على ما نشرته العروبة.. سيتم معالجة نقص المياه في الحارة الشمالية بالصويري ... مجلس الوزراء يناقش ويقر العديد من القضايا المتعلقة بالشق الاقتصادي والخدمي والتعليمي الجلالي: ضرورة ... سعر غرام الذهب ينخفض محلياً 25 ألف ليرة سورية جلسة دراسة قانون التجارة في حمص .. خلق بيئة استثمارية مشجعة و تبسيط إجراءات الترخيص ومواكبة التطور ا... 87 متقدماً لاختبار اللغة الأجنبية للقيد في درجة الدكتوراه بجامعة البعث الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 مصرف التسليف الشعبي ينضم لمنظومة الشركة السورية ‏للمدفوعات ‏الإلكترونية ‏ ضمن فعاليات احتفالية  أيام الثقافة السورية أمسية شعرية للشاعرين حسن بعيتي وأحمد الحمد... الطالب حسن وهبي من ثانوية الباسل الأولى للمتفوقين يحصد ذهبية في مسابقة التميز والإبداع على مستوى الو...