” محارة الحلم ” عنوان لافت للمجموعة الثانية للشاعر هيثم الضايع بعد مجموعته الأولى الصادرة عام 2018 ….
و في المجموعة الجديدة يبحث الشاعر كما يقول عن حلمه الذي يعيش به ثملاً ( الحلم الذي يراني قبساً وأراه فجراً ..!! ).
وتتمحور قصائد المجموعة في محورين : القصائد الوطنية والقصائد الوجدانية .
فالشاعر هيثم الضايع يكتب قصيدة العمود الخليلية , ولا يعترف بقصيدة النثر , وهذا شأنه .
القصائد الوطنية والقومية
محور هذه القصائد الفخر بالشهادة والشهداء , والاعتزاز بجيشنا الباسل , صانع الانتصارات وحامي الحمى , فها هو الشهيد من الأعالي يخاطب الحبيبة التي هي رمز للوطن ( تتماهى الأنثى مع الوطن ) فيقول في قصيدة ( بوح الشهيد ) :
أنا عبرة من دمعك المسفوح
أو رجفة من صوتك المبحوح
فدمي طلا , وحبيبتي أولى به
فنذرته , ولوجهها المسفوح
هيا أبصري يا حلوتي في كوثري
سترين كل صفائه من روحي
والانتصار يراه قريباً على الإرهابيين ومموليهم وهو ما حصل حقاً .
فيقول من قصيدة بعنوان ( نصر قريب ) :
صقيع الجباه كجمر القلوب
بصدر أسود دنت للخطوب
وفيض أسود بفيض دماء
نشور دماء زهت بالطيوب
فمن يتعدى حدود البلاد
يذق حر موت بنار لهوب
وفي ذكرى ثورة الثامن من آذار , ينشد الشاعر لآذار وحزب البعث العربي الاشتراكي , الذي ينشر الخير والمحبة والزرع , ويحتضن الفلاح والعامل. فالبعث نور يبدد الظلام وعدل يبدد الظلم . يقول من قصيدة ( وعاد يوسف ) :
هذا هو البعث يشدو في مرابعنا
وفي الحقول زروع الخير إسبال
وبيتنا طافح بالقمح مكتنز
من فيض آذار للفلاح ينهال
بعد الظلام وبعد الظلم ينصفهم
إذا صارت الأرض حرثاً رزقها نالوا…
القصائد الوجدانية
في قصائده الوجدانية يبدو الشاعر رقيقاً أقرب إلى الغزل العذري ففي قصيدة ( محارة الحلم ) ثمة عشق وحبيبة , لقاء وشوق وجمال , فعلى الرغم من أن الشيب غزا رأسه , غير أنه يطرب للجمال ويلتزم محبوبة بعينها .. فالحب لايعترف بالزمن بل يطوعه شوقاً وحناناً . يقول :
رغبت لقاءها غزلاً فقالت
أنا ريم ويعشقني الكبار
رأت رأسي غزاه الشيب لكن
بنا حلم وأفئدة كبار
فلن يخلى بمن أحببت قلبي
كما يحلو بلؤلؤة المحار
ولوع بالجمال وطول قد
ويفتنني بعينيها الخضار
وعشق المرآة يستدعي , عند الشاعر , عشق الطبيعة .. كلاهما أنثى وهما رمزان للجمال الخالد فالطبيعة ومفرداتها من زهور وثلوج وثمار تتماهى مع مفردات الحبيبة الأنثى ( المرأة ) يقول من قصيدة أنفاس المغيب :
كلما ابيضت غصون القلب فاضت
كالزهور البيض أوراد الحبيب
والغدير الثر من فيض الثلوج
يهتدي الحب ثماراً للقلوب
الشمس إن غفت في المغربين
نورها يلقاه ذو الصدر الرحيب
أمرعت صدري خصيباً وسلاماً
من شروق الشمس للأرض الخضوب
ولعلنا نقول إنه لا يزال للقصيدة العربية العمودية حضور وتألق عبر الزمن , وهذا لا يتعارض مع نصوص قصيدة النثر كما تسمى .
إن الشاعر هيثم الضايع يتميز بإلقائه الجميل وصوته الجهوري , ولعله أفاد كثيراً من عمله لسنوات في إعداد البرامج الإذاعية التي تعنى بالإلقاء وهذا الإلقاء المجلجل , في قصائد القومية والوطنية يجذب المتلقي ويعطي للشعر بعداً في النفوس .
عيسى إسماعيل