لأول مرة أكتب في هذا المجال … وهو التطبيع وعوضاً عن كلمة التطبيع استخدمت كلمة التصعير .. فكلمة التطبيع من طبع ..و الشيء صاغه وصوره في صورة ما .. وطبعت الدولة النقد : ضربته وسكته ونقشته وطبع فلان على العادات تلك , أي جبل عليها والطبع هي السجية ومظاهر الشعور والسلوك المكتسب ..الخ .
إذاً عندما تقول إن فلاناً طبّع مع فلان فمعنى هذا أن الرجل الأول انصاع وانقاد لعادات الرجل الثاني وخضع لسياسته وتقبل كل عادات الرجل الثاني .. وعندما تقول أن دولة عربية طبعت مع الكيان الإسرائيلي هذا يعني أن الدولة العربية قبلت بسياسية هذا الكيان الغاصب .. وسلوكها.. أي أن العدو الإسرائيلي بلغ غايته , وعلى فكرة إن جميع الأمراء والملوك العرب الذين طبعوا مع العدو يسيرون وراء أمريكا .
وأما التصعير فهي أوضع من كلمة تطبيع , لأنها الأقدر على إفراز الخنوع والذل والهوان والخضوع .. فالتصعير تدل على إرادة إنسان ما على أن يكون عبداً من تلقاء ذاته ولديه القبول في الخضوع والذل لصالح الطرف الآخر ..
فمنذ الاحتلال العثماني , قام الانكليز بسؤال الملك السعودي آنذاك ما رأيك في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين , فكان رده .. وماذا في الأمر ؟! نحن موافقون على هذا !! لقد كانت أول حركة تطبيع وتصعير مع الاستعمار وأنا على ثقة أن ذاك الملك السعودي لم يكن يملك من الحس القومي والوطني والأخلاقي شيئاً …. المهم أن يبقى ملكا ؟! أنا ..ومن بعدي الطوفان …
إذا كان ذاك أول تصعير لملك عربي ،وهو أول ملك عربي ينصاع لأوامر العدو..وليس بالطبع أن يكون هذا التطبيع مكتوباً رسمياً على الورق ….
والسؤال الذي يطرح نفسه ..لماذا خضع أنور السادات للكيان الإسرائيلي ؟! ماذا كان يخشى أن يفقد لو أنه لم يبرم اتفاقية كامب ديفيد ؟! هل كان يخشى على نفسه ؟أم على العرش؟! ؟! بالتأكيد لم يكن يخشى على مصر لأنه بهذه الاتفاقية والخضوع والذل ،لم يقدم لشعبه إلا الفقر ..هل كنت خائفاً على حياتك وعرشك ؟لقد اغتالتك اليد ذاتها ،التي وقعت معها اتفاقية استسلام ،وفقدت خلال ثانية واحدة حياتك ،وعرشك .. ولم تأخذ معك سوى وصمة العار ..
..وبعد ذلك فهم بعض الزعماء العرب والأمراء والملوك الوضيعون الدرس جيداً ،وراحوا يتسابقون للركوع أمام العدو الإسرائيلي ،خشية على عروشهم .. ،وهكذا تساقطوا كالذباب على الروث الطازج ..
وأنا أكتب هذه المقالة لم يغرب عن ذهني شهداء الـ48 ولا شهداء الـ67 ولا شهداء الـ73 …ولا أي نقطة دم نزلت من عروق المقاومة ..ونحن من ضمنها ..ولا يغترب عن ذهني قول السيد الرئيس بشار الأسد :لن أجعل شعبي يركع ..وكذلك قول سيد المقاومة حسن نصرالله .لن نعترف بإسرائيل وفي عروقنا نقطة دم ..وأخيراً إن الكيان الإسرائيلي..أوهن من بيت العنكبوت.
د. نصر مشعل