دنيانا سفر أعمار , وزحام رغائب وآمال , ودهش تطلعات صوب المدى, وعلى مطلول الآفاق يوقد البهاء شعلته ثريا من غدق أنوار ضياؤها فرح قناديل بتلاوين التفاؤل بوح إشراقات تنهض بها مكرمات الحياة مقرونة بدؤوب سعي على دروب مابين فجاج في اتساع , ومطارح في مصاطب تعلو مدارج كل طموح على قدر مثابرتنا جهدا ,وقدراتنا إمكانات .
سعادتنا تجذر حضور في مهاد كل وعي جمالي تحاكيه قلوب , هي مساكب ورد , وضمائر , هي مساحب غزلان , وحسبنا سُقيا أنداء غمام في واحات , أفانينها أماليد الأغصان , وثغور خيرها قطوف دانيات مابين سعادة في إنتاج , واغتباط في شهامة اكتناز , هي مؤونة ذاك , وهذا السفر في تتالي الأعوام أياما , والسنين شهورا , وبكليهما , ترانا نقتات مشاق السفر , والأعمار دربتها شأن حال بحال , واتزان كل رؤيا صبر ملاّح غشاه موج فاستراح إلى هدوة سكينة من قناعات سمو قيم , وحيثيات تفاصيل من قراءات في متسع كل إدراك , فأين لشطوط تآخت تعرجا مع حراك تدافعت صروفه كأنها الأمواج تقارب أشرعة لاوصتها الهوج من الرياح فمن أين لها أن تقوى على مكين خبرات في أحفّة الضفاف ؟ أو تقارب ثقة وطدت ذاتها نباهة سَعة في متاعب .
هي صنو الحياة حياة لكنها سرح عابرات مقابل ما صاغته الأيام ثنائية تجارب مابين فرادة خبرة في مكنون ذات , ووفرتها في صروح آخرين , هما خبرتان ربح إنسان لإنسان نسج شرانق من حرير في مثاقفة لدلالة إنسان في مقام الفلسفة (قيمة كبرى ) وفي معطى الحياة , هي خبرات كدّ , شدُّ أمراس إلى أمراس , إذ لا تنال المآرب إلا على جسور من التعب أكان لأكف مجرّحة , غنتها الحياة وقد تلألأت بحبات عرق تنضح بها جباه تفيض بالعطاء , وزهو المواسم غلال السنين , أم كان صليل حذاقة في جذوة الهمم عبر كل حزم في نبوغ كل تأمل عميق يقرأ اجتهاد الثواني في مرتسم الكينونة قبل الرحيل .
هو الثابت حراكا إنه الزمن الزمان شلال في اتجاه واحد يستنزل كل أنفاس كتائبَ في جريان الوجود مابين أزل وأبد عبر سرمدية هذا الحراك حبابَ ماء إلى ماء , يتسلل من نوافذ اللحظات , ومسامات جلودنا غير عابئ بملوحة في مكابدة , ومن مآقي عيوننا لحاظ نظرات . مشرّعة للضوء أكانت مغرورقة بدموع هزها الوجد , أم بغنائم ومغانم لاحت ببريقها بعض مكاسب في كدح , أو أحلام في رؤى , أو تصورات في تأملات. إنه الثابت زمانا يمضي سنة بعد أخرى , وعاما بعد غيره وإذا ماعزّ عَوْد على معايشة في أمر فسرعان ما يلتفت القلب سرورا في عوالم, مداها أنفاس الحياة فنراها أشرعة تطمئن في بعضها حرير ذكريات تلاطفها ريح صبا , ومأساتها أن تكون سموم هوج في فضاءات طالما مضغت صمتها بأضراس الكتمان رقي تسام في قراءة نجوى ذات لذات , وقد ضج في خاطرك ألف سؤال وسؤال , وبعض عتاب , وثمة أصورة لمواقف دفعت بوجوده تباهي ألوان , بل للقناع ذاته ألف لون ولون وحسبك بتفاعل إدراك فيه تذوب أحزان , واستشرافك أن الحياة أبعد مدى من ضيق في وهن انكمش فيه سلوك , وما بين السطور من فروق فردية وتباين كل معطى في ثراء أو فقر من معارف وخبرات . ما أكثر ما تغالبنا نشوة الظّفر في مساحة الأيام سعادة قطاف في مقاربات تزفها إرهاصات بشائر, تراها تمدّ خيوطها شذرات , فتنزح من راحة اليد على ظاهرها , فترتعش كفك دون طائل لكأنها في سباق مع الضوء! .. تمرّ السنون فينا ,وبنا مواقف وذكريات , ما أكثر ما تصطلي بنا همما يحفنا فيومض احتفاء , مداه العمر سعادة شوق إلى أهل وأحباب وجمال أداء في كل عمل وإبداع وابتكار وفكر فأوسعوا لنا في الديار ديارا , فباتت في خواطرنا دفء كهوف في مكين صخر , وشدو عرازيل على باسقات شجر , وثمة من أوقدت ذاتك جمرا فأوقعوك حطبا في مواقد الأسى , ضمور حال على حال , وقد خبت مصالحهم في رماد النكران , فأدركت ودهم تسليع مكاسب , لا لهفات ودّ عناق إنسان لإنسان فتقرأ ذاتك لا حسرة مغفل , إنما طيبة حسن ظن ماكنت لتحسبه ورطة في ملامح الرقي والتواد. تمرّ بنا السنون أنفاس كل نفح معطّر , فتطرب بك الحياة نقاء هاتيك النفوس نبالة محتدٍ ,وأصالة سلوك وسمو نضارة تواصل فيكبر في خاطرك الإنسان ,فلا تمر بك السنون بهم عفو خاطر ,بل تتجذر حسن مواقف وروعة سلوك , وامتداد عميق الحضور ثقة في مهاد الحب والخير والجمال . أجل تمرّ السنون بنا , ويمرّ بخاطرك من يتعبهم حتى البوح بحرف يعانق ثقة بثقة بجمال إبداع في مكان على غير ذاك البهاء المتنضر بما يغدق عليك من تشربوا الوسميَّ معتَّقا والأنداء ألقا بأطايب الكلمات جود كرم , لا صناعة مجاملة , فهمس خواطرهم فرح دواخلهم مرآة جمال إلى جمال .
تمر السنون فينا وقد هزجت بفيض مشاعرنا صدى لكثير من محاكاة لغنى فِكَرٍ وأفكار وهي تترجح مابين دمعة وابتسامة في تفاصيل حكايات , لكنها حاضرة وجد اصطلاء في مواقد الروح وبإشراقاتها ترتسم خبرات وتجارب تبقى حاضرة تمضي إلى غيرها صقيل أمنيات على مشارف أصباحها تمر بنا, ونمر بها حروفا أو كلمات على سطور الزمان .
أجل وتمضي السنون فينا مواقف وذكريات , ونمضي فيها أعمارا أو بعض ذكريات فما نحن إلا ضيوف على هذه الأرض الطيبة ….
نزار بدّور