تحية الصباح … تطور الحياة …

في عرف الحياة ..وفي عرف الحضارات والتاريخ ..يوجد شيء اسمه التغير أي تتغير أعراف وتقاليد الدول والحضارات والأمم وسأورد أمثلة على ذلك …

فعلى سبيل المثال لا يبقى بيليه بطل كرة القدم هو البطل ..ولا يبقى محمد علي كلاي هو بطل الملاكمة ..ولا يبقى هرقل هو مثل القوة المطلقة ،ولا يبقى تشارلي شابلن هو رمز السينما الصامتة وبطل هذا الفن بل كل شيء يتغير …ويظهر أبطال جدد يمثلون نوعاً جديداً من الفنون .

ولكن هذا القانون يتغير في كل بلاد العالم إلاّ عندنا فإنه يبقى ثابتاً لا يتغير أبداً ..فعلى سبيل المثال :يبقى الفنان الفلاني أو الكوميدي العلاني هو رمز الكوميديا ..حتى لو بعد مماته ..ولو أصبحت رفاته رماداً منثورا …وسيبقى ذاك الشاعر هو رمز الشعر والحداثة حتى ولو أصبح حفيد حفيده شاعراً ..وسيبقى ذاك الكاتب للسيناريو هو شعلة من نور الكتابة حتى لو جاء بعده بوشكين أو شكسبير !!وذاك الرسام هو رائد الرسم والفن التصويري حتى لو جاء رافائيل بعده..

فالكاتب الفلاني هو رائد الكتابة ..وذلك المطرب هو ملك الغناء..وتلك الممثلة هي رائدة الصراخ والدموع في الدراما السورية ..هل يمكن أن يتساءل أحد لماذا هذه الأنانية وهذا الجشع ..وهذا الاحتكار في كل أنواع الفنون ؟!وحتى الفنون الإنسانية !!هل خلت الدنيا من الكتاب والفنانين و الأصوات ؟!أرجوكم أن تجيبوا على سؤالي …ففي معظم الأفلام العالمية الجدية نلمس ممثلين لم نرهم في حياتنا ، فالمخرج يحاول تجنيد ممثلين غير معروفين.. وغير مشهورين ، ومع ذلك ترى نجاحاً منقطع النظير لهذا الفيلم .. أو ذاك المسلسل.

أما عندنا فلم يزل الممثل (جحا )على الرغم من تقدمه في العمر –هو بطل المعارك التاريخية ،على الرغم من بدانته وتهدل جسده ومشيب شعره…

ولم تزل الممثلة (غنوجة )تحتل بطولات العشق المراهق ..مع أنها تجاوزت الأربعين  من العمر ..ولم يعد ينفع شد الوجه المترهل ونفخ الوجنتين ولم يعد مجدٍ صبغ الشعر …وغدت المساحيق والألوان المجملة أشبه بألوان طفل صغير يعبث بعلبة ألوان على بلاط الغرفة .

هل تخيلت أن تأكل كل يوم طعاماً محبباً إليك ؟! نفس الطعام يوضع أمامك كل يوم .. وكل وجبة .. فماذا ستكون النتيجة بعد فترة ؟! بالتأكيد سوف تكره وتمقت هذا الطعام .. وهكذا الأمر عندنا في عالمنا العربي .. فلم  يزل كتاب السيناريو يتسابقون لكتابة سيناريو يلائم أحد الممثلين  .. حتى وهو على فراش الموت !! طبعاً مع كامل احترامنا لهؤلاء الفنانين .. ولم يزل ممثلو باب الحارة منذ عشرين عاماً يصرخون ويتمرجلون بالسكاكين والشباري .. ومن خلف الأبواب تزغرد النساء .. وهن يقمن بحياكة المؤامرات ضد الرجال .. وحكايات ممجوجة .. سخيفة .. وعادات بالية غدت رمة بين أوراق الزمن .. وحتى ينقذ المخرج أو الكاتب عمله .. نجد في نهاية المسلسل مجموعة من الفرسان الذين اجتمعوا لمقارعة المستعمر العثماني أو الفرنسي أو … إلخ

إذاً فالطعام ذاته .. الممثلون أنفسهم .. والكتاب عينهم .. والممثلات أنفسهن .. ولا تختلف واحدة عن الأخرى … لا في الشكل .. ولا في المضمون .. ولا في طريقة وصولها إلى ما تدعى النجومية ومواضيع المسلسلات ذاتها .. مع السماح أحياناً بتمرير لقطة هنا ، أو مشهد هناك .. أو حوار في مكان آخر ( على اعتبار) أننا أصبحنا أكثر جرأة في طرحنا لمشاكل الناس .. دون أن يعلم هذا الكاتب أو المخرج أو الممثل أنهم لا يطرحون أموراً أكثر جرأة .. بل يعرضون مشاهد أكثر سطحية بعيدة عن الأخلاق الرفيعة .. وحوارات تعلم الأجيال على تدني الأخلاق والتربية .

يا ليتهم يعرضون مسلسلاً يشرح لنا لماذا تقف طوابير السيارات لمسافات كبيرة ؟! أو لماذا غدا الخبز على البطاقة الذكية ولماذا نضطر لحرق أبواب بيوتنا كي ينعم أطفالنا بالدفء ولماذا أصبح الاكتئاب هو مرضنا الحالي .. ولماذا ..ولماذا …..إلخ

د.نصر مشعل

المزيد...
آخر الأخبار