يأتي إلينا آخر الشهر أشبه بقطرات الندى , لا يروي غليلاً ولا يشفي عليلاً فهو محمل بالفواتير والديون التي يدفعها الموظف نقداً أو تقسيطاً .. جيوبه ملأى بالمهمات الصعبة .. المازوت لآخر الشهر والدواء لآخر الشهر والسفر لآخر الشهر ومحاسبة بائع الخضار والفواكه لآخر الشهر .. ألا ما أشد بؤسك يا آخر الشهر , قد قلل الدهر مقدارك وجار الزمان على حالك , فعند موعد إلقاء القبض على ليراتك يحييك بتحية الصباح ويتمعن في وريقاتك قبل أن توقع بها معركة الحياة أفدح الخسائر إذ الخوف يسكن قلبه المتعب , يتأمل صرفه المحسوب , لايصمد حتى ولو أحسنت ربة المنزل التدبير التي أخذت تقتر بالمصاريف لدرجة محزنة , فلا هو لأكلة فلافل يغني ولا طبخة الخضار تشم رائحة “الزفر” فاللحمة صارت أحلاماً مغروزة في اللاشعور , لم تعد تناسب الجيوب التي كثرت أحمالها وتعبأت أثقالها فلو كانت جبلاً لمالت وانحنت وانقصم ظهرها ليعيش المواطن حياة بسيطة تحت حد الكفاف …
أما الجهات المعنية فأذن من طين وأذن من عجيب غير قادرة على الحد من الغلاء الفاحش الذي بات يسرح ويمرح في الأسواق..
كل شي طار وارتفع إلا وعود المعنيين بتحسين معيشة المواطن تضرب على وتر الدماغ أينما اتجهت الأسماع والأبصار حتى صاروا من كثرة التصريحات يحتاجون إلى الكثير من سكر النبات ليجردوا حلوقهم ويجلون أصواتهم لتنطلق حناجرهم بالوعود الخلبية من جديد ..
عفاف حلاس