تسعى معظم مجالس المدن في العالم جاهدة لزيادة المساحات الخضراء والتوسع بإنشاء الحدائق وتزويدها بكافة التجهيزات لتكون متنفساً حقيقياً للمواطنين الذين لايستطيعون ارتياد أماكن الترفيه كالمنتزهات والمطاعم وغيرها ، ولكن في حمص العدية الأمر مختلف ، فبدلاً من التوسع بالحدائق والاهتمام بها للحد من التلوث الذي تعاني منه مدينتنا لأسباب متعددة لن ندخل بتفاصيلها في هذه الزاوية قام مجلس المدينة باقتطاع مساحات كبيرة من الحدائق وطرحها للاستثمار كمطاعم ومقاه بحجة تأمين إيرادات مالية ونسي المجلس أو تناسى أن لديه العديد من المطارح الاستثمارية لا تزال طي النسيان كمجمع الوليد في مركز المدينة على سبيل المثال ، والملاحظ أنه بعد عودة الأمن والأمان والاستقرار للمدينة وازدياد التحصيلات المالية للمجلس لم يتوقف عن اقتطاع المزيد من المساحات الخضراء لتتحول إلى كتل اسمنتية والرابح في هذه المعادلة المستثمر الذي يدفع للمجلس مبالغ متواضعة مقارنة مع الأسعار الرائجة والخاسر الوحيد المواطن الذي لم يعد يجد له ولأولاده مكاناً للترويح عن نفسه خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة .
ما نود الإشارة إليه أن مجلس المدينة يخصص للمستثمر جزءاً من الحديقة لإشادة منشآته عليها ويلزمه بالاعتناء ببقية المساحة لكن على أرض الواقع وحسب المشاهدات هذا لا يحصل فالمستثمر رويداً رويداً يتمدد ويتطاول على مساحة أكبر من المخصصة له وعلى عينك يا تاجر ويضع الكراسي والطاولات التي تخصص لمن يدفع فقط وطبعاً هذا التغاضي عن هذه التجاوزات له أكثر من تفسير إما أن الرقابة معدومة على عمل هؤلاء وإما.. ونترك لكم حرية إكمال العبارة والمعنى؟!!
مرة أخرى نؤكد أن اقتطاع هذه المساحات من الحدائق والتي بدأت تتزايد مؤخراً حيث بتنا نشاهد بناء أكثر من كافيه أو مطعم أو محل في الحديقة الواحدة والأمثلة لمن يرغب موجودة وواضحة وهذا طبعاً لا يصب في خدمة وراحة المواطن الذي بات بأمس الحاجة لمكان هادئٍ يريح فيه أعصابه من ضغوط الحياة وارتفاع الأسعار الجنوني .
مسألة مهمة يجب الإضاءة عليها ألا وهي أن انحسار المساحات الخضراء والحدائق يزيد في نسب التلوث الذي تعاني منه مدينتنا والمفترض من مجلس المدينة الذي من أولى مهامه خدمة المواطنين الاهتمام بالحدائق العامة والعمل على زيادة رقعتها وخاصة في الأحياء التي تشهد كثافة سكانية ….!!
الملاحظ أن واقع الحدائق في حمص ليس جيدا , فأغلبها يفتقر لأدنى الخدمات من إنارة وتعشيب وعدم وجود ألعاب للأطفال وإن وجدت فهي مكسرة وقديمة ومقاعدها غير موجودة أو محطمة والحمامات لا وجود لها والتجاوزات أكثر من الهم على القلب !! وهل المساحات المتبقية منها تتناسب مع عدد السكان والمرتادين ، طبعاً لا !! وهل الإيرادات المحصلة من استثمار هذه الحدائق تتناسب مع الأسعار الرائجة من حيث أسعار الأراضي أو الإيجارات, ,وهل المبالغ المحصلة انعكست إيجابا على الواقع الخدمي في الأحياء ؟…والاهم لماذا لا يقوم المجلس ببيع قسم من الأراضي التي يملك الكثير منها للمستثمرين وترك الحدائق بحالها ..استفسارات وتساؤلات نضعها برسم الجهات المعنية ؟!
محمد قربيش