صدف وأن دعتني صديقتي لزيارتها وعند باب منزلها أطلقت لساني بالمزاح حول موضوع الكورونا حتى أهرب من مصافحتها واستساغت المزحة على مضض وعند اقتراب والدتها مدت يدها كي تصافحني كالعادة مددت يدي خجلاً وأنا أمازحها بأنني قد أحمل الفيروس وهي سيدة مسنة فأجابت : ” لماذا تنفرين مني فأنا أستحم وأبدل ملابسي يومياً ” شعرت عندها بالإحراج وقبلت رأسها علّها تسامحني..!
– في مشهد آخر , توفي أحد أقارب صديقتي بالكورونا والجميع يعرف ذلك من خلال الحجر الذي ألزم به وطريقة دفنه ومع ذلك أقام ذووه العزاء .. وقمت بالاتصال هاتفياً معزية ظناً مني أنها طريقة مثلى للابتعاد عن العدوى عند انتشار أي وباء .. وبعد مضي فترة من انقضاء التعزية قابلتني صديقتي صدفة بوجه عابس مرددة عبارتها ” كنت أعتقد أنك صديقة حقيقية !
– توفيت إحداهن بعد مرضها لأيام عدة وأكد ذووها أن أسباب الوفاة هي جلطة نافين إصابتها بالكورونا وكأنها تهمة أو وصمة عار تصيب العائلة بأكملها.. لذلك اطمأن الجميع وأقيم العزاء والجميع يصافح ذوي المتوفية مع الحضور اليومي للأقارب والأصدقاء لنفاجأ بأنها قد توفيت بالكورونا .. فقد سرب أحدهم الخبر من خلال حديثه صدفة عن أدوية المناعة التي كلفت تلك الحسبة الكبيرة وأنهم اضطروا لاقتراض المال ولكن الأجل انتهى بهذا المرض اللعين .. وهنا كل من كان حاضراً ارتعدت فرائصه خوفاً بأنه قد يصاب وليس هذا فحسب بل نقل الفيروس لعائلته ..!
– في مشهد آخر , سألتها عن أحوالها وأحوال أسرتها ومدت يدها تريد مصافحتي وأنا وبشكل تلقائي وعفوي مددت يدي رغم حرصي الشديد بأنني لن أصافح حتى انقضاء هذا الوباء وأردفت تخبرني بفرح بأنها قد شفيت من الكورونا .. فقد أصيبت لمدة شهر وهذا أول مشوار لها فقد ضاق الحجر بها ذرعاً ولم تعد تطيق ذلك . ولكم أن تتخيلوا الحالة التي أصابتني والتعقيم وغسيل اليدين عند دخولي المنزل والاستحمام واستبدال كل الملابس والهوس الذي عانيت منه طيلة أيام ..
إنها الكورونا وليست مزحة .. فقد فقدنا الكثير من الأحبة … هو وباء اجتاح العالم كله .. فما قبل كورونا ليس كما بعدها ..!
نبيلة إبراهيم