اشرأبت الأعناق وانتعشت الأرواح بعد طول سبات ، إذ أتاهم الربيع يختال ضاحكاً ، مرسلاً شمسه الدافئة لتغزو النوافذ المغلقة على برد الشتاء وعواصفه ، ربما يضفي بعض الدفء على الأجساد المنهكة التي سكنها البرد حيناً من الزمن ..
وجوه عانت الزمهرير والعتمة ، يتسلل إليها الأمل والتفاؤل من مكرمات متكررة صدرت بمرسوم جمهوري يسد بعضا ً من احتياجات المواطنين اليومية ، إذ كانوا ومازالوا يعدون أنفسهم بها على مبدأ ” الموعود ليس محروما ً ” فبات الموظف يترقب بشكل دائم شاشات التلفزة المصدر الموثوق للخبر ، منتظرا ً إنعاش نفسه التي لازمها الإحباط باستنفاذ طاقاته المادية والمعنوية ، ومازال يتمسك بالآمال وهو يدعو في السر والعلن أن يخرج من معمعة الحياة بأقل الخسائر المادية الممكنة ، يركب المستحيل لإيقاف تبخر راتبه من أول يوم في الشهر… وما زاد الطين بلّة ارتفاع سعر البنزين والغاز وبارتفاعهما زادت أسعار كافة المواد الغذائية أضعافا ً ، لكنه مازال يؤمن في قرارة نفسه بأن مابعد الضيق إلا الفرج ، فذلك هو الدافع الأقوى لمواصلة الحياة الطبيعية التي لاتخلو من النق والشكوى كونه ذاق الأزمات بالألوان ..
يقاوم ويحاول الصمود حتى لاتبتلعه الحيتان ، حيتان السوق الكبار الذين ربما يبتلعون التاجر الصغير والمستهلك على حد سواء ، مستخدمين أحط مافي النفس البشرية من سوء واستغلال وجشع وطمع ليصلوا إلى غاياتهم الربحية الخسيسة ..
عفاف حلاس