علاقة الجوار .. تعاون… محبة…مساعدة …

كثر الحديث في تراثنا الشعبي عن الجار وحقوقه على جاره حتى أن البعض فضله على الأخ أو الأهل البعيدين ،لأن الجار قد يساعد أو ينقذ جاره ويلبي حاجته وقت الضيق أكثر من أخيه البعيد الذي قد يكون في وضع أو ظرف لا يسمح له بتقديم المساعدة وإن كان يرغب بذلك .

“الجار للجار و إن جار” هذا المثل قد شاع استخدامه حين لم تكن وسائل الاتصال والمواصلات قد تطورت إلى هذا الحد لذا كان الجار المحب والصادق سندا حقيقيا لجاره فالجار لايستغني عن جاره مهما كانت الظروف .

وتنبع ضرورة مراعاة شعور الجار من الأمور الأساسية , ومن مصلحة الجيران الحفاظ على الأمن و الاستقرار. حتى إذا نام الجار خارج بيته أو سافر خارج البلد يكون مطمئنا نفسيا أن جاره سيؤمن لعائلته الحماية والرعاية المطلوبة في غيابه . والجار العاقل هو الذي يغض الطرف عن هفوات جاره حرصا على إبقاء العلاقة جيدة بينهما.

 وقد ذم الناس الجار السيئ ووصفوه بشتى الصفات السلبية فقالوا ” كومة حجار ولاهالجار ” .

وهناك الكثير من القصص والحكايا التي تمجد العلاقة بين الجيران وذم الجار السيئ الذي يؤذي جاره .

مهما قيل عن حقوق الجار على جاره فإن ذلك ينبع من طبيعة المجتمع وثقافته وعاداته وتقاليده ، من هنا نرى أن النظرة إلى حقوق الجار على جاره قد تختلف من عصر لآخر ومن مجتمع لغيره  وقد تختلف النظرة في المجتمع الواحد بين بيئة وأخرى ،أو بين حضر ومدينة ففي المجتمعات القديمة كان العرب يولون مسألة الجيرة مكانة عالية جدا لدرجة أن الإنسان في وقتنا الحاضر قد يصاب بالاستغراب من وقوعها,  وهناك الكثير من القصص التي تؤكد ذلك وهذه قصة منها : ( أصاب أحد الناس ضائقة مالية فأراد أن يبيع داره ليحل مشاكله وعندما جاء المشتري ودفع له المبلغ المطلوب قال له صاحب الدار هذا المبلغ ثمن البيت لكنك لم تدفع ثمن جيرة جاري فلان ، قال له وماثمنها ؟ فذكر صاحب البيت مبلغا كبيرا تعذر على المشتري دفعه فانصرف وبعد فترة سمع جاره بالقصة فلقي جاره الذي يود بيع بيته واشترى الدار ودفع مبلغا كبيرا وقال لجاره : أنت حفظت حقوقنا ونحن لانفرط بجيرتك ) .

بالطبع هناك الكثير من القصص المماثلة لهذه القصة لكن الشيء اللافت للنظر هو أنه كلما تقدم الزمن كلما قل الاهتمام بالجار ، ولكن لابد من القول: إن حاجة الجار لجاره ليست حاجة اجتماعية واقتصادية فقط بل إنها حاجة إنسانية إذ لم يعد بمقدور الإنسان أن يعيش بمفرده وبمعزل عن غيره بل هو بحاجة إلى أصدقاء وأهل ومعارف يعينوه في المواقف التي يحتاج فيها لمن يقف إلى جانبه كي يشعر بالأمن والأمان وأنه ليس وحيدا في هذه الحياة .

المزيد...
آخر الأخبار