تتطلب العملية التربوية الاهتمام بالأطفال بصورة جيدة وتعليمهم القيم الأخلاقية النبيلة والأمانة والتعاون والمحبة والتسامح والمرونة في التعامل والصدق والصراحة …
وقيمة الصدق كغيرها من القيم الايجابية تخدم المجتمع وتحفز الطاقات للتطوير الايجابي وتجاوز كل معوقات النمو والتطور الناشئة عن القيم المشوهة من الكذب والحسد والنميمة والخداع والانتهازية وكافة الممارسات والأخلاقيات السلبية الأخرى ، وكل هذا لن يتأتى إلا بالممارسة العملية العقلانية للآباء أمام الأبناء الذين ينظرون إلى الآباء كقدوة حسنة لهم .
كيف تكتشفون ابنكم الكاذب وما هي ردة فعلكم ؟؟
- بشار ناصر – موظف قال : الطفل الكاذب قلما يستطيع أن ينجوا بكذبته ولذلك ظهر مصطلح بين الناس يقول :” الأطفال لا يعرفون الكذب ” وهذه المقولة بدورها نجت الكثير من الأطفال من العقاب بالرغم من كذبهم ، ومن الخطأ ألا يتنبه الأهل لملاحظات بعض الأقارب حول كذب الطفل فما يلاحظه الغير عن أطفالنا قد لا نلاحظه .. ربما لحبنا الشديد لهم .
- غسان – مدرس قال : إذا كان الوالد يكذب على من يخالطه أمام أبنائه فإن الأبناء لن يتعلموا الصدق إذ طالما يجدون آبائهم يكذبون أمامهم وعلى مسمعهم فلن يتعلموا أن هذا التصرف خاطئ , والتربية السليمة يجب أن تكون مقرونة بالممارسة الصادقة الموضوعية ، و تصرفات الآباء السلبية تنعكس سلبا على أخلاق وتربية أبنائهم .
- رانية محمد – مرشدة نفسية- قالت : غالبية الأطفال يجربون الكذب وخاصة الصغار منهم لأن الخيال يلعب دورا كبيرا في تصرفاتهم ، أما الأطفال الأكبر سناً فيجربون الكذب عن سابق إصرار وخاصة في المدرسة فأسباب كثيرة تضطرهم إلى الكذب أما عندما يصلون إلى مرحلة المراهقة فالكذبة تكون أكثر إحكاما ..كل هذا قد يمر في حال لم ينتبه الأهل ، وهناك بعض الآباء يدققون على أولادهم في كل كلمة يقولونها وأي حادثة يروونها فتكون ردة فعل الأبناء االمبادرة إلى تصحيح الحديث ما إن ينظروا إلى الشك والريبة في عيون آبائهم .
وجهات نظر لحلول سليمة
- ريم – طالبة تربية قالت : لكي ننمي قيمة الصدق والصراحة علينا أن نبين من خلال القصص والحكايات والأمثلة الواقعية مدى خطورة الكذب ..فالكذب حبله قصير كما يقولون, وقد نسرد لهم القصة المشهورة عن الراعي الكذاب والتي حفظناها عن ظهر قلب منذ أن كنا صغارا وهذه القصص فيها الكثير من الفوائد التربوية الكبيرة لأنها أمثلة معبرة وتعطي للأبناء مؤشرات عواقب الكذب والكذابين .
- مجدولين – موظفة قالت : من المهم على الأهل ألا يعدوا الأبناء بما لا يستطيعون الوفاء به ، وإن وعدوا عليهم الوفاء بوعدهم لأن الطفل يشعر في حال عجز الأهل عن تنفيذ وعودهم بأنه تم الكذب عليه , وهذا بحد ذاته يؤدي إلى سلوك أساليب مشابهة لوالديه من خلال التعامل مع أقرانه .
- جهينة – موجهة تربوية قالت : عندما يسأل الطفل والده أو والدته عن شيء يجهله فعلى الآباء عدم الكذب عليهم أو إعطاء أجوبة خاطئة أو غير مقنعة وإنما يجب التعامل بحسب مرحلة الطفل العمرية , فإن كان صغيرا يسأل أسئلة تفوق مستواه المعرفي يتوجب على الآباء التعامل بحذر وحساسية شديدة وإعطاء أجوبة مختصرة وموحية بحيث لا يشعر الطفل أن والده ووالدته يلجآن إلى الكذب أو التحريف في أجوبتهما .
كيف ينظرون إلى الكذب ؟
ما قد يراه الآباء كذبا أو خروجا عن الحقيقة قد يراه الأبناء أسلوبا للتخلص من المشاكل ولو بشكل مؤقت وقد يرجعون حساباتهم الصغيرة فيما بعد ويعترفون بالحقيقة بعد أن تهدأ ” العاصفة ” …
- تقول نغم – 13 سنة : لا أستطيع الكذب على أهلي ولا أخفي عليهم أي شيء ولكن بالمقابل قد أتخلص من فضول و” حشرية ” أصدقائي ببعض الكذبات البيضاء والتي لا تضر أحداً ورغم أنني أعرف أن هذا الأمر معيب ولكن لا أحب أن أوضع في مواقف محرجة ..
- بعض أطفال الصف الخامس أكدوا أنهم لا يحبون الكذب ولا يكذبون على أهلهم ولكنهم يضطرون أحيانا لا تباع أساليب ملتوية كي لا يعاقبوا وخاصة من قبل المعلمة فمنهم من يدعي نسيان دفتر الواجبات في البيت إذا لم يكتب واجبه المدرسي .
- آية – 12 سنة قالت : أنا أستغرب كثيرا ما أراه من صديقتي فهي تكذب بشكل يوحي بأنها صادقة فهي تؤلف قصة قد حدثت معها وأكتشف فيما بعد أنها كاذبة وعندما حدثت أهلي بشأنها قالوا لي : إن والدها يكذب في الكثير من أحاديثه ولا بد أنها متأثرة به وتتبع أسلوب حياته وإن بقيت كذلك سوف لن يصدقها أحد بعد سنوات .
كلمة .. صدق
الصدق قيمة أخلاقية نبيلة يجب على الآباء والمدرسين وكل المشاركين في العملية التربوية أن يغرسوها في عقول أبنائهم لأن قيمة الصدق هي الوسيلة الرئيسية للولوج إلى المعرفة والثقافة والتنمية والتطور والرقي الحضاري .
منار الناعمة