باتت مشكلة نقص مياه الشرب مع بداية فصل الصيف ظاهرة تحتاج إلى حلول سريعة خاصة أن المشكلة تتوسع يوماً بعد يوم و تترافق مع وضع معيشي صعب للغاية ورغم أن هذه الظاهرة روتينية اعتدنا عليها خلال السنوات السابقة و رغم أنها لم تقتصر في هذا العام على الأشهر الحارة مع استمرار معاناة الكثير من القرى خلال فصل الشتاء إلا أن ما يدعو للقلق في الحقيقة هو استسلام الجهات المعنية للواقع الحالي ومعرفة المعنيين في المحافظة حجم المعاناة الكبير التي يتكبدها المواطنون بسبب نقص وانقطاع مياه الشرب إلا أنهم لا يحركون ساكناً وهذا ما يدفع المواطن للرضوخ لواقعه المرير و شراء حاجته من الصهاريج و بأسعار لم تعد مقبولة ولا محمولة وليس بمقدوره تحملها خاصة أن سعر خزان الماء سعة ألف ليتر أصبح خمسة آلاف ليرة وتحتاج الأسرة على أقل تقدير لعشرة خزانات في الشهر أي حوالي 50 ألف ليرة فقط ثمن مياه وسواء علم المعنيون بهذا الأمر أم لم يعلموا فالأمر سيان بسبب إعلان العجز عن حل هذه المشكلة ، علماً أن مؤسسة المياه في حمص تعلنها صراحة لكل من يراجعها بأن هذه هي الإمكانيات ولا يمكن أن نحل مشكلة أي قرية دون تحسن واقع الكهرباء ، فبرنامج التقنين الحالي يساهم بشكل كبير في تعطيش المواطنين حيث لا تكفي ساعة واحدة أو حتى ساعتين لملء خزان أي قرية مهما كانت القرية صغيرة وبحسب مصدر في المؤسسة فإن مشكلة المياه ستستمر ما لم يحدث تحسن في الواقع الكهربائي أو زيادة مخصصات المؤسسة من المازوت حيث يوجد على مستوى المحافظة 400 مجموعة توليد تعمل على الديزل في الأرياف و كل مجموعة تحتاج وسطياً 15 – 20 ليتر مازوت في الساعة وتحتاج إلى مدة تشغيل تصل إلى 15 ساعة يومياً أي أن حاجة المؤسسة من المازوت في الشهر تقارب ثلاثة ملايين ليتر مازوت شهرياً بينما يتم تزويدها بـ 300 ألف ليتر شهرياً فقط وهذا غير كاف بكل تأكيد حيث يتم توزيع هذه الكمية على مجموعات التوليد إلا أن عدم القدرة على تشغيلها الوقت اللازم لضخ المياه بما يملأ الخزانات يجعل ضغط المياه ضعيفاً ولا يصل إلى منازل المواطنين ، و بالمحصلة فإن المواطن لم يحصل على المياه وذهب كل هذا العمل هباءً .
و من المستغرب حالة الانفصال التام بين مؤسسات و شركات القطاع العام عندما يتعلق الأمر في مصلحة المواطن بينما نجد التشبيك والترابط عندما يتعلق بمصلحة هذه المؤسسة فمثلاً كانت شركة الكهرباء في سنوات مضت تفرض على جميع الجهات العامة طلب براءة ذمة كهرباء من أي مواطن يريد استخراج أوراق ثبوتية لتستطيع “الكهرباء” تحصيل ما لها من ذمم على المشتركين بمساعدة كافة الجهات أما اليوم فتحمل مؤسسة المياه شركة الكهرباء المسؤولية و الأخيرة مستمرة في برامجها التقنينية التي وصلت حد تعطيش المواطنين و كأن الأمر لا يعنيها و دون أي تكلف أو عناء بإيجاد حلول وسطية قد تكون ناجعة بحل أزمة المياه وإذا كان هذا الانفصال بين إدارات هذه الشركات بسبب تبعية كل واحدة منهما لوزارة فأين دور المحافظة و مجلسها في جمع هاتين الجهتين لإيجاد حل فوري ومباشر فالأمر يتفاقم والمعاناة تكبر و الشكوى باتت تحتاج إلى حلول جذرية على مستوى المحافظة ، خاصةً أن المشكلة هي مشكلة مياه شرب وليست مشكلة مازوت تدفئة يستطيع المواطن الاستغناء عنه( رغم أهميته) أو مواد مدعومة من سكر ورز وغيرها … إنها مشكلة المياه أيها السادة أي أنه يتوجب عليكم ترك كل ما في أيديكم من مشاغل والتفرغ لحل هذه المشكلة .
العروبة – يحيى مدلج