لم نعد نطلق تلك الصيحة التي كانت تدوي لإنقاذنا من أبخرة القمامة التي تتصاعد ضبابية من فوق كومات الزبالة المنقوعة تحت حرارة الشمس فتخنق روائحها المكان ، بتنا اليوم نطلق النكات حولها فنقول أن حاسة الشم تخدرت لدينا ، حتى أننا إذا شممنا الهواء النقي نصاب بالأمراض .
المشكلة أن القمامة انتقلت الى داخل البيوت بين أسوار الأبنية ، إذ أخذ بعض الأهالي يربون الدجاج البياض في حدائق منازلهم فيرمون لها ما تيسر من مخلفات المطابخ أياً كان نوع الطعام ليستفيدوا من بيضها ولحومها في ظل غلاء تلك المواد في الأسواق ولكن تلك الغاية لا تبرر الوسيلة لأن المنازل جميعها تصبح مرتعاً للذباب والحشرات والبعوض ناهيك عن الإزعاجات التي تقض مضاجع النيام بين قرص ولدغ وروائح كريهة وأصوات طنين .
فالدواجن لها روائح جاذبة للحشرات تختلط فيها مع روائح القمامة المتجمعة في الساحات العامة وفي الحدائق وفي كل مكان يمثل الوجه الحضاري في المدينة وبالتالي تمتص رحيق الحياة لدى السكان ، فيلجأ الأكثرية إلى رمي مخلفات ونفايات وتوالف البرادات التي انتهت صلاحيتها نتيجة القطع الدائم للكهرباء لتصبح مستقرة خارج الحاويات فتنكش فيها القطط والكلاب الشاردة وتوزعها في الطرقات العامة والرئيسية .
وعلى الرغم من شكوانا الدائمة لدى البلديات وإلى من يهمه الأمر للتخلص من ظاهرة تربية الدواجن داخل حدائق البيوت إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً …والجميع يود أن يتمتع بالجمال وببيئة نظيفة تهفو فيها النفوس لنسمة نظيفة منعشة وإغفاءة هنية .
عفاف حلاس