لم أكن أنوي الكتابة عنها , غير أن مقالاً في أحد المواقع الالكترونية , أدهشني لأنه يذكر أنها ( فنانة مصرية ) وإذا كنا , في سورية , عروبيين , وانتماؤنا القومي , يعرفه كل الأشقاء العرب , فإن مغالطة تاريخية واجتماعية ارتكبها الكاتب , فالفنانة أسمهان , سوريّة وعاشت طفولتها وجزءاً من حياتها في سورية كما عاشت في مصر , وهي من أبوين سوريين معروفين .
على الرغم من رحيلها المبكر ( 1912 – 1941 ) , فإنها استطاعت أن تسجل اسمها في قائمة الفن الخالد .. ولا تزال أغانيها , موضع إعجاب المستمعين , في كل أقطار الوطن العربي , ولعلها , كانت المنافسة الأهم والأشهر لسيدة الغناء العربي الراحلة أم كلثوم .
هي ابنة فهد الأطرش , وعلياء المنذر , وقد هاجرت إلى مصر برفقة والدتها و شقيقيها منير وفريد , وغنت للمرة الأولى في ( نادي منصور ) في القاهرة عام 1931 وكانت جذابة كصبية فائقة الجمال , وكمطربة ذات صوت فائق الجمال وفي زيارتها لسورية , حيث أسرتها العريقة في جبل العرب , تعرفت بأحد أقاربها ( الأمير حسن الأطرش ) وتزوجته . وأمضت عدة سنوات معه في ( عرى ) إحدى بلدات السويداء … وفي مدينة السويداء لحن لها الموسيقار محمد القصبجي ثلاث أغنيات وسجلت لها شركة ( بياضفون ) في دمشق أسطوانتها الأولى .
المدهش فيما يتعلق بحياتها , أن زوجها الذي طلقها لأنه لم يكن راغباً في عملها بالفن , يقول ( إن اسمهان أروع امرأة في حياته وأنه هام بها أكثر من كل النساء الأخريات ..!! ) ولعل هذا ما جعله يعود إليها بعدما جاءت إلى سورية مع ابنتها ( كاميليا ) وكانت أسمهان إلى جانب الحلفاء ضد حكومة ( فيشي ) وعندما انهزمت قوات فيشي تسلم حسن الأطرش زوجها وزارة الدفاع عام 1941 … وفي الاحتفال الذي حضره الجنرال ديغول عام 1940 في دمشق كان إلى جانبه على المنصة الأمير حسن الأطرش وزوجته أسمهان ..!! غير أنها انفصلت عن زوجها الأمير الوزير وعادت إلى مصر .
أفلامها ( انتصار الشباب ) و ( غرام وانتقام ) جلبت لها الشهرة كمغنية ووصلت شهرتها إلى الذروة عام 1941 وعلى الرغم من زواجها من المخرج أحمد بدرخان وبعده من المخرج أحمد سالم غير أن هاتين الزيجتين لم تستمرا سوى أشهر قليلة لكل منهما .
أغانيها ( اسقنها – فرق مابينا الزمان – المحمل الشريف – يا بدع الورد – محلاها عيشة الفلاح ) وغيرها , علامة فارقة في الغناء العربي أداءً ولحناً .
غير أن لغز وفاة أسمهان بحادث سيارة وهي على طريق القاهرة – رأس البر , لايزال محيراً فبعد أن أرادت السفر بالقطار , قيل لها أنه لا يوجد مقعد شاغر .. والسيارة الصغيرة التي أقلتها لها بابان , مما يصعب الخروج منها .. والسائق لا يزال مجهول الاسم ؟!
هل هي مؤامرة ؟! وممن ؟!أم هو القضاء والقدر ؟! ولماذا اختفى من محضر الشرطة اسم السائق الذي كان يقود السيارة ؟! وهذا ما يثير الشكوك حتى الآن ..؟! فالسيارة مسجلة في القاهرة ومسروقة .. والسائق السارق مجهول ..!!
في الرابع عشر من تموز عام 1941 رحلت أسمهان .. لكنها خالدة عبر أغنياتها الجميلة وصوتها النادر في عذوبته وقوته ..!!
أسمهان الفنانة العربية السورية .. رحمها الله ..!!
عيسى إسماعيل