كثيرا ما يتساءل الباحثون خلال دراساتهم .. هل الذكاء وراثي أم مكتسب ؟؟ وهل يتحدد كم ما يملك الفرد من ذكاء عن طريق العوامل الوراثية التي تنتقل إليه عبر المورثات أو ناقلات الوراثة من الآباء والأجداد أم من التغذية والتربية والمعاملة التي يلقاها الطفل والخبرات التي يمر بها والأمراض التي تصيبه…..إلخ, وتؤثر في نمو ذكائه ؟
والبعض تساءل عن مدى تأثير الذكاء في التحصيل الأكاديمي, وعن العمر التي يتوقف عندها نمو الذكاء.. إنه السمة التي يباهي بها من يمتلك حظاً وافراً منها.. وهي التي تعتمد عليها اعتماداً كبيراً عملية الاستيعاب والتحصيل والاستذكار الدراسي كما أنه أصبح في المستطاع التنبؤ بمدى نجاح الطالب في التحصيل الدراسي المستقبلي على ضوء معرفتنا بكم ما يمتلك من ذكاء..
سألنا المرشدة النفسية عبير العلي عن هذا الجانب بحياة الفرد وعلاقته بالمجتمع فقالت : يعد مفهوم الذكاء الاجتماعي من المفاهيم الحديثة نسبيا في مجال علم النفس، مما يجعل هناك حاجة لمعرفة مدى إسهام الذكاء الاجتماعي في تدعيم بعض المفاهيم الأخرى ومنها جودة الحياة والتي مازالت بحاجة إلى بحث متعمق لفهم جميع الأبعاد التي تتضمنها .
وأضافت : ما زالت مؤسـساتنا التعليميـة تمارس النظـرة التقليديـة للـذكاء، بربطه بالجانب المعرفي أو الذهني فقط “كالذاكرة، التفكير، طرق حل المشكلات…” ، واعتباره العامـل الأول للنجـاح والتفـوق، وأن الأفراد ذوي معدلات الذكاء المعرفي الأعلى يـصلون لأعلـى مـستويات النجـاح فـي التعلـيم والعمـل ومختلـف مجـالات الحياة.
في مقابل إهمال المجالات العاطفية والانفعالية (كالقدرة على قيادة المواقف الاجتماعية، التأثير في الآخرين..).
ونوهت إلى أنه عند تفحص عملية التعليم الأكاديمي بنظرة تحليلية وما يتصل بها من عوامل مختلفة تؤثر فيها، نجد لها أهمية قصوى، حيث أن معرفتنا لهذه العوامل وآثارها على التعليم الأكاديمي تعطينا دلالات ومؤشرات واضحة ومهمة عن مستقبل طلبتنا، وتمكننا من معرفة ما يعوق تلك العملية وبالتالي دراسة الطرائق والأساليب المناسبة لتفادي المعوقات والوصول بجودة الحياة التعليمية إلى مستوى عال مرتفع ..
وأوضحت أن ارتباط الذكاء بعدد من الخصائص الشخصية المختلفة كالدافعية ومستوى الطموح والابتكار والقدرة على حل المشكلات والتحصيل الدراسي، فعلى سبيل المثال لوحظ أن دافعية الأفراد ذوي الذكاء المرتفع نحو الإنجاز والتحصيل تكون أعلى منها عند الأفراد ذوي الذكاء المنخفض .
وختمت بالقول : التميــز والنبــوغ الأكــاديمي يتوقــف علــى عــدة عوامــل بيولوجيـــة وثقافيــــة واجتماعيــــة ونفــــسية، إلا أن الانفعــــالات تعتبـــر عــــاملا رئيــــسيا.. حيث تؤثر الحالة العاطفية على الحالة العقلية للمتعلم، فالمتعلم ذو درجات القلق العاليـة، الغــضب والاكتئــاب لا يــستطيع استيعاب المعلومات بكفاءة.. ولا الاستفادة منها، فالانفعالات تهاجم التركيـز وتعطـل القدرة العقلية وخاصة الذاكرة العاملـة، والقدرة علـى التركيـز والتمتـع بفكـر واضح.
لذلك من المهم جدا الاهتمام بطرق التعليم الصحيحة في مدارسنا من خلال العديد من السلوكيات التي تقوي علاقة الطالب بالمدرسة والمعلم وذلك ضمن علاقة تفاعلية يسودها الاحترام وتفهم طبيعة كل طالب ومراعاة الفروقات الفردية بين الطلاب بما يضمن تنمية قدرات الجميع نحو الأفضل ..
بشرى عنقة