نعيش في هذه الحياة ، ونضطر للتعامل مع بعضنا كأفراد ضمن علاقات اجتماعية قوية ومتينة أو علاقات عابرة ، ولذلك جميعنا نحتاج إلى ثقة الناس بنا وأن نثق بالناس في المقابل ، ولا غنى لنا عن هذه الثقة بأي حال من الأحوال .
ومن المهم جدا ألا نفقد الثقة بعد اكتسابها ، فربما عمل واحد أو تصرف ليس له أهمية ،أو كلمة تلفظ دون تفكير تنبئ الناس بما نريد إخفاءه وربما تعطي صورة خاطئة وتزعزع ثقة الآخرين بنا ، ومتى فقدناها فمن العسير إن لم يكن من المحال أن نستردها ثانية .
ومن أهم العلاقات التي تحتاج إلى ثقة تامة هي العلاقة الزوجية ، فالزوجان يتفقان على الحياة المشتركة وتكوين أسرة ولكنهما ودون إدراك منهما ربما يتسببان بسوء تفاهم كبير بينهما، بسبب زلة لسان لا تقدم ولا تؤخر في الحياة. وقد تبقى هذه الزلة ضمن حدودها الضيقة، ولا تتسبب في حدوث إعصار في العلاقة الزوجية، وتبقى زوبعة في فنجان أو تعمل المخيلة عملها، وتخرج الزوبعة عن إطار الفنجان لتصبح إعصاراً مدمراً.
رصدنا بعض الآراء حول هذا الأمر نظراً لأهميته وكانت اللقاءات التالية:
مروة – موظفة قالت : لا طعم للحياة دون ثقة وخاصة في العلاقة الزوجية فإن لم تكن الثقة موجودة ستفشل العلاقة حتما ، وهذا ما حدث معي فقد كان زوجي يأتي آخر الليل بحجة عمله الإضافي وكنت أثق به وأصدقه ولكن مع تكرار انكشاف خدعه أصبحت لا أثق به ولم أجد بدا من طلب الطلاق لعدم تفاهمنا وفقدان الثقة بيننا .
ناديا – أمينة مكتبة قالت : أنا امرأة مطلقة الآن وسبب ذلك يعود إلى انعدام التفاهم بيني وبين زوجي فلا أساس للثقة في المنزل وقد حذرت زوجي من السقوط في هذا المنحدر لكنه لم ينصت لي وحدث الطلاق .
علاء – موظف قال : كم من الأسر والعائلات مهددة بالفشل بأي لحظة ونتيجة ذلك هو انعدام الثقة بين أطراف الأسرة وخاصة الأب والأم فالزوجة تخرج من البيت أو تشتري ثوبا أو قطعة ما دون علم زوجها ، والزوج أيضا يخفي عن زوجته أشياء كثيرة في حياته وتزداد التراكمات ، فتأتي لحظة ما وينهدم بيت الزوجية وتفشل العلاقة بين الزوجين ويكون الأولاد ضحية ولا يعرفون بمن سيثقون مستقبلا .
عادل – صاحب محل قال : ما نفع الحياة إن لم نجد من نثق به وخاصة في العلاقات الأسرية ؟ فأنا لا أستطيع أن أتوجه إلى العمل إن شعرت أن زوجتي تشك بتصرفاتي لأن هذا يقلل من احترامي لنفسي أولا ومن احترام أسرتي لي وبالمقابل سينعكس علي سلبا من حيث المنغصات التي سأواجهها والمبررات التي سأقدمها لزوجتي في كل يوم أعود فيه للمنزل .
أهم أسباب الثقة
بتول أحمد اختصاصية في علم الاجتماع تحدثت عن أسباب كسب الثقة حيث قالت : من أهم الأشياء في حياتنا الوعود التي نبذلها والأحاديث التي نصدق بها ، وعلى الإنسان ألا يفرط في الوعود ويعد بأقل مما يمكنه القيام به لا أكثر منه ، فإذا تحقق الوعد كان ذلك أدعى إلى زيادة الثقة وخاصة بين الزوجين، فالثقة المتبادلة بينهما تعتبر حيوية للعيش ضمن علاقة زواج بكرامة.
وربما يكون انكسار الثقة ناجماً عن خطأ حقيقي ارتكبه أحد طرفي العلاقة الزوجية بحق الطرف الآخر دون التمكن من استعادتها ، فالشجارات القوية تؤدي إلى ارتكاب أخطاء فادحة، ويأتي على رأسها كسر الثقة في العلاقة الزوجية.
وأكدت : إن إصلاح الثقة المنكسرة لا يأتي بالكذب والنفي واللف والدوران ، بل بالصراحة التامة بين الزوجين ، والاعتراف بالخطأ الواقع قبل أن يتم اكتشافه من قبل الشريك الآخر ، فمهما كان الخطأ المرتكب كبيراً يمس الثقة، فإنه يجب ألا يؤدي إلى تدمير العلاقة بشكل كامل لأن الندم سيكون قاتلاً إذا حدث الانفصال، مع أنه ليس هناك وصفة سحرية لاستعادة الثقة المكسورة بين الزوجين، ولكن هناك طرق لإصلاح .
ولابد من تحمل مسؤولية الخطأ ومن الضروري أيضاً أن يعلن من كان مذنباً في انكسار الثقة مسؤوليته عن الخطأ الذي وقع فيه، و يعترف بالحقيقة ويتوقف عن إعطاء أعذار واهية لا تقدم ولا تؤخر في عملية إصلاح الثقة ، فتحمل المسؤولية هو دليل شجاعة.
منار الناعمة