يعد التعبير عن العواطف من أهم مستلزمات الصحة النفسية والبدنية للطفل والراشد على حد سواء إلا أنها عملية مهمة للغاية للطفل لأن أساليب التكيف لديه لم تصل بعد إلى الدرجة الكافية التي تمكنه من إيجاد بدائل صحيحة لتفريغ ما لديه من شحنات عاطفية وانفعالية ، فإن لم يكن المناخ المنزلي يتيح للطفل الفرصة كي يعبر عن عواطفه وأحاسيسه فإنه سيعاني من الكبت والضغوط والتوترات لأنه سيضطر إلى التعامل مع عواطفه المكبوتة داخلياً بما يقضي به في النهاية إلى دوامة من الاضطرابات النفسية بمعنى أن الطفل يتعلم الأعراض المرضية كالخوف والقهر إذا لم يتح له المناخ العائلي أن يعبر عن انفعالاته وعواطفه وكذلك إذا تكررت المواقف التي تربك حياته النفسية أو التي تثير في نفسه الغضب أو الحزن أو الخوف .
وإذا كان على الأسرة أن تحافظ على أبنائها بحيث لا يتورطون في خبرات عاطفية سلبية أو فاشلة في فترة المراهقة يجب أن يتفهم الوالدان الموقف ويساعدان المراهق في أن يتغلب على انفعالاته ومشاعره ويكتشف طريقه بنفسه في التخلص من الأحاسيس المؤلمة ، غير أن المشكلة الحقيقية في مثل هذه الحالات تأتي من مصدرين : الأول أن المراهق قد يخفي تجربته عن الوالدين سواء من منطلق الخوف أو من منطلق الخصوصية وبالتالي لا تتمكن الأسرة من تقديم المساندة والدعم له كي يتجاوز محنته ، وفي مثل هذا الموقف لا يخلو الأمر من دلالة على أن هناك خطأ من نوع ما في المناخ العائلي ، فقد يكون هذا المناخ لا تتاح فيه للأبناء الفرصة أو الحرية للصراحة والتعبير عن تجاربهم ومشاعرهم من الأساس . أما المصدر الثاني فهو أن ردود الفعل العقابية من جانب الأسرة ، الذي يتسم بالإيذاء البدني أو العقاب النفسي للمراهق فتزداد ضغوطه بشدة وتصبح معاناته مضاعفة بسبب الفشل العاطفي مضافاً و يتركون المراهق وحده يواجه الأزمة وهنا يفتقد الدعم أو المساندة مما يفضي به إلى مزيد من الضغوط ، وقد يدخل في تجارب عاطفية جديدة يكون مصيرها المصاعب أو الفشل وينتهي به الأمر إلى الدخول في دوامة من الأمراض النفسية .
منار الناعمة