- التقيتها وجها ً لوجه ، مصادفة في أحد النوادي أشاحت بوجهها عني، في حركة تأكدت منها أنها لا تريد السلام علي وهذا شأنها غير أن اللقاء الثاني في نفس المكان كان مختلفا ً اتجهت نحوي ومدت يدها مصافحة…!! وكان حديثا ً عن دراستنا الجامعية سوية في جامعة دمشق في سبعينيات القرن الماضي، وعن أهلها وأشقائها وعملها خارج البلد.. ووصلت إلى منعطف في الكلام ، رأيت بسببه دمعتين كبيرتين تسقطان من عينيها .
- أشد مايؤلمني أن أرى أحدا ً يبكي أمامي، لأنني في هذه الحالة، وهذا إحساس شخصي، أجد أن علي أن أواسي من يبكي وأخفف آلامه وأتحدث بكلمات مختارة بعناية كي أجعله يمسح دموعه أو دموعها.
- السيدة التي تخطت الستين مثلي وجدت نفسها بغير زوج ولا أولاد ولا منزل سوى غرفة وملحقاتها تستأجرها وتعيش في كنف أهلها.. وراتب ضئيل تقاعدي وقلت لها : ” لاتشتكيلي .. فأبكي لك .. فتواسيني بدل أن أواسيك ..”
- القصة باختصار أن زوجها باع كل شيء في المدينة وأخذها مع ولدين شابين وسافروا إلى بيروت ثم القاهرة ثم اسطنبول..!!.
- ولأن (الجنون فنون) كما تقول الزميلة والأخت التي سيرتها العملية والتربوية ممتازة ، وكذلك الاجتماعية وتقول:
أراد أن يكون معارضا ً في بدايات 2011، كيف حصل هذا لا أعرف..!!توهم بفعل مال وصله فجأة بالعملة الصعبة، أن عمله لايليق به، فلا بأس من السفر إلى الخارج.. وشتم الوطن وأبنائه وكل من يتمسك بترابه، وتشمل الشتيمة والد ووالدة هذا “الجهبوذ ” الذين تبرؤوا منه ومن معارضته إلى يوم الدين بعدما سمعوا شتائمه في المحطات الفضائية المعارضة .
ومضى أسبوعان ثم شهران ثم سنوات وبقيت الدولة السورية .. بل كل شيء على مايرام والصمود الأسطوري للشعب العربي السوري يدهش العالم أصدقاء وأعداء لم تستطع إقناعه بالعودة والاعتذار من الوطن وتسوية وضعه، تركته وحيدا ً مع ولديه غير المقتنعين بسلوك والدهما .. تركا الدراسة واحد يعمل في فندق في اسطنبول والآخر يبيع على عربة صورا ً وبروشورات سياحية في ساحة جامع السلطان أحمد في اسطنبول ..!!.
لقد أقسمت لي هذه السيدة أن الفقر والعوز والتشرد يدفع السوريين في القاهرة واسطنبول إلى بيع بناتهم وتزويجهم من كبار السن ودفعهن للعمل خادمات .. وتقول متى كانت المرأة السورية ، حفيدة زنوبيا .. هكذا؟!)
سؤال صارخ ، موجع، لكنه استنكاري بوجه كل الخونة والأنذال الذين باعوا شرفهم وضميرهم لأعداء الوطن ..!!
بوركت سيدتي .. سورية ستبقى شامخة رافعة الرأس.. اطمئني تسقط الشمس ولا تسقط سورية !!.
عيسى إسماعيل