هجم العمر وعبرت السنوات دروب حياتنا ، ونحن مازلنا نبني عوالم ضائعة ، نصيغها بما يتماشى مع تفاؤلنا وحبنا للحياة ، لكننا ننصدم دائماً ، مندهشين لا تتحرك فينا عضلة ، نقرأ دراسات الحكومة وقراراتها ، فالخطوة التي أقدمت عليها وزارة التربية بتقسيم دوام المدرسين القادمين من المدينة إلى الريف أو العكس لمساعدته في التخفيف من أجور النقل الباهظة ، هي خطوة جيدة تلقاها المدرس براحة نفس ، لكن ما يلفتنا ، المؤسسات الحكومية الأخرى والتي يعاني موظفوها القادمون من الريف نفس المشكلة لم تضع مثل هذا القرار في حسبانها فالموظف يتحمل أجوراً باهظة خاصة بعد أن ارتفعت الأجرة أخيراً ، فيستهلك الموظف أكثر من نصف راتبه بالكامل , ويذهب هباء منثوراً على الطرقات ليفقد احتمال طمأنينة قادمة تزيد أعباءه أعباء جديدة …قد طالت المعاناة وازداد الخناق الضاغط على كاهل المواطن ليتحول إلى القنوط واليأس في تحسين مستواه المعيشي ، هذا غيض من فيض فلابد من زج الإمكانات والأفكار والحلول الإيجابية في هذه الأيام العصيبة بما يخدم المواطن المنهك مهما كانت درجته الاجتماعية ، كبيراً أم صغيراً ، تاجراً أم مستهلكاً ، مسؤولاً أم مواطناً عادياً ومن ثم طرحها للإسهام في حل العقد المستعصية وتليين الظروف القاهرة التي يتلمس خلالها المواطن جيوبه فتعود خاوية الوفاض منذ بدء الشهر بأيام قليلة ، فللمعاناة حدود إذا زادت تهز المواطن روحياً وجسدياً واجتماعياً واقتصادياً فلا مفر من ترميم هذه الثغرات التي كثرت وتعقدت والتقاط المنغصات ورميها في بئر عميق.
عفاف حلاس