إن انجاز معاملات عقود الإيجار هذه الأيام تدعو للحيرة و الاستغراب فهل يعقل أن نضع العراقيل و العقبات أمام المواطن و نكلفه ما لا طاقة له على حمله في الوقت الذي يتم الحديث من قبل المعنيين و الجهات المسؤولة عن تبسيط الإجراءات و تسيير أمر المواطن و القضاء على الروتين و الفساد والذي على ما يبدو على ارض الواقع أن هذا الأخير يستشري و يزداد شيئا فشيئا ويكبر ككرة الثلج المتدحرجة في ظل الروتين القاتل و الإجراءات التي تقيد المواطن وتكبله , فبدل أن ينجز معاملته في النافذة الواحدة يتوجب عليه مراجعة العديد من النوافذ المفتوحة التي يصعب إغلاقها و هنا يلجأ “مكرها أخاك لا بطل ” إلى السماسرة و معقبي المعاملات لانجاز معاملته و بالتالي عليه دفع المزيد من المال على حساب لقمة عيشه و عيش أولاده و أسرته .
الغريب في الأمر أن انجاز عقود الإيجار سابقاً كانت تجري بكل يسر و سهولة و في وقت قياسي سواء في المدينة أو الريف أما حاليا و بناء على القانون 15 للعام 2021 المتعلق بعقود الإيجار أصبح انجاز عقد الإيجار ” اسفين يدق في نعش المواطن ” نظرا للعقبات التي تنتظر المواطن عند انجاز عقده بالإضافة لما يترتب عليه من دفع مبالغ مالية كبيرة غير متوقعة و مراجعة العديد من المؤسسات لاستيفاء شروط العقد و أصعب الحواجز التي يتوجب عليه اجتيازها مديرية المالية و هنا تبدأ رحلته المكوكية وطرق الأبواب و المكاتب و شراء الطوابع و صعود الأدراج و غيرها من إجراءات روتينية “ما أنزل الله بها من سلطان ” .
“المضحك المبكي ” في الأمر أن المواطن مكتوب عليه المزيد من المعاناة و ما يزيد الطين بله أنه يعتمد في الكثير من الأحيان كحقل تجارب ومهما كانت نتائج هذه التجارب سواء ناجحة أم فاشلة والمبكي أن هذه التجارب وإن ثبت عدم فعاليتها وجدواها ونتج عنها مشاكل كثيرة تستمر لوقت غير معلوم و لا أحد من المعنيين يفكر بتعديلها أو تصويبها بما يخدم مصلحة المواطن و يخفف عنه حمله الثقيل .
على المعنيين ترك كراسيهم و لو قليلا من الوقت للاطلاع الميداني على حجم المعاناة الكبيرة التي خلقتها عقود الإيجار أمام المواطن و ليس من المعيب على المسؤولين مرافقة عينة من المواطنين و هم ينجزون معاملاتهم والوقوف عند حجم المشاكل التي تعترضهم,فيجدوا الحلول الناجحة لهذه المعضلة اليومية رحمة بمن كتب عليهم المزيد من الشقاء و التعب فهل يفعلون …؟؟
محمود الشاعر