يعتقد معظم أولياء الأمور أن الدلال أو التساهل في التربية للأبناء يساهم في بناء شخصيتهم القوية ، وهم لا يدركون أن التساهل في التربية له منعكسات سلبية أيضا على الأولاد وسلوكياتهم تجاه أقرانهم وأسرهم ..
وهذا النوع من التربية شكل أو طريقة وأسلوب يتبعها بعض الأهالي مع أطفالهم ، و تتصف التربية المتساهلة بأنها تعتمد على اللطف والتساهل فقط لا حزم فيها ولا انضباط ، يمنح فيها الأهالي القليل من الإرشادات والقواعد و لا يتوقعون سلوكا ناضجا من أطفالهم فبنظرهم الطفل سيبقى طفلاً.
الأهل هم الأساس
ولمعرفة خصائص التربية المتساهلة تحدثنا مع المرشدة الاجتماعية منار المحسن حيث أشارت قائلة: يعتقد الأهالي في هذا النمط من التربية أن الطفل له كل الحقوق وأنهم مسخرون لإسعاده فقط وتلبية جميع رغباته ، ويكونون سريعي الاستجابة لرغباته وضغوطه لأسباب منها رغبتهم بتجنب سلبيات التربية الحازمة والخوف غير المبرر على مشاعره وعواطفه.
وأضافت : في أسلوب التربية المتساهلة الأهالي لا يتوقعون من أطفالهم التصرف بمسؤولية وفي أكثر الأحيان يعتبرون أنفسهم المسؤولين عنهم وعن قراراتهم وتصرفاتهم وعن إسعادهم، لذا يقوم الأهل بعمل كل ما يستطيع الطفل عمله لنفسه اعتقادا منهم بأنهم بهذا يحسنون التربية ولا يعلمون أنهم يدمرون قدرات أطفالهم الذهنية والفكرية والجسدية.
وتتميز علاقة الأهل بالطفل في هذا النمط بأنها علاقة صداقة أكثر من كونها علاقة بين أب أو أم وطفلهما فيصبحون فاقدي السيطرة ولا يستطيعون التوجيه والإرشاد، علما أن الأهل هنا لا يبذلون أي جهد لفرض أي حدود وضوابط على الأطفال.
وهذه الطريقة تحفز الطفل على الحرية المطلقة بدلا من تحمل المسؤولية ومعرفة نتائج تصرفاتهم سواء السلبية أو الإيجابية ، كما أنها لا تفرض أية عواقب على الطفل لتحمل مسؤولية قراراته بل يقوم الأهل بإصلاح وإنقاذ الطفل من أي موقف حتى لو كان صغيراً ولا يحتاج تدخلهم إذ يُفضلون تجنب المواجهة مع الولد وإعطائه ما يرغب وهذه مشكلة كبيرة .
آثار مؤجلة
وتابعت: الأطفال الذين يتربون تربية متساهلة يكبرون وهم فاقدون للإحساس بالمسؤولية، و للانضباط الداخلي وعدم القدرة على ضبط النفس وتهذيب سلوكياته وانفعالاته والسعي وراء رغباته فقط ، ويعتقدون أن الحب يعني بأن يحقق الآخرون له كل رغباته وإن رفضوا فهم لا يحبونه ..
موضحة أن الطفل ونتيجة لهذه التربية لا يحقق أي انجازات في مجالات الحياة المختلفة لعدم وجود أهداف يسعي لتحقيقها والوصول إليها لبناء شخصيته وتحقيق ذاته.
وبالتالي فهو يفتقد لمهارة حل المشكلات و صنع القرار ومجابهة أعباء ومشاكل الحياة فتجده دائما يبحث عن رأي الآخرين حتى لو كان خطأ.
وأكدت أن الأطفال الذين تربوا تربية متساهلة يكونون أكثر عرضة للأمراض والاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب والرهاب الاجتماعي وغيرها،إضافة إلى كونه غير قادر على إدارة الوقت ، كما يعاني من ضعف تقدير الذات والثقة بالنفس ويفتقر للمهارات الاجتماعية كالتكيف في المدرسة و إنشاء علاقات وصداقات و المشاركة الاجتماعية والأسرية كما أنه قد يعاني من ضعف التحصيل الدراسي وتنمية المهارات التعليمية.
وختمت : على الأهل أن لا ينسوا بأن تدليل الطفل فقط دون حزم وقواعد ومسؤولية و حدود ليس حباً بل العكس .. ستجعل منه إنسانا اتكاليا غير مسؤول قد يتعرض للعديد من المشاكل النفسية كل ذلك بدافع الحب والخوف والحرص غير المجدي من الأهل ..
بشرى عنقة