تفكيك مخيم الركبان نهاية لرحلة اللجوء والتهجير .. أم محمد:عودتنا إلى منازلنا من حلم بعيد المنال إلى واقع يتحقق..
عشرة أعوام ذاق فيها السوريون من ضنك العيش ماتعجز الكلمات عن وصفه، أمراض و وفيات جوع وعطش واستهداف …
أم محمد حملت غصتها في قلبها وحملت ماتيسر من زادها وزوادتها – كحال عشرات الآلاف من السوريين – تركت منزل العمر هرباً بأطفالها باحثة عن الأمان فلم تجد ملجأً إلا الخيام..
سنوات من القهر والجوع والبرد دفعتها من عمرها ثمناً للنجاة من البطش والظلم.
بغصة مازالت في صوتها تحدثت لمراسلة العروبة: لم نكن نتوقع أن نترك بيوتنا وأراضينا يوماً عشنا في الخيام ظروفاً لا إنسانية لسنوات عانينا من قسوة أناس اختاروا أن يكونوا أعداء لأبناء بلدهم مقابل المال ،وزادوا من قسوة الظروف علينا
تقول أم محمد بأن مخصصات العائلة كلها في اليوم الواحد كانت عشرين ليتراً من المياه لاتزيد قطرة ،وكان الماء يُشترى بالدم ناهيك عن النقص الحاد بالغذاء ووسائل التدفئة..
تغيرت نبرة أم محمد لتعود إليها الحياة وقالت صحيح أننا قضينا سنوات التهجير في خيام لاتحمل أدنى مقومات الإنسانية لكن عزاءنا الكبير كان في انتصار الحق وعلو كلمة الشعب ..
بعد التحرير عدنا إلى ماتبقى من بيوتنا وكلنا أمل بأن تتحسن الأحوال مهما ضاقت بهمة كل السوريين الأحرار ..
واليوم يطوي السوريون صفحة من صفحات المعاناة عنوانها العودة إلى الأرض المحررة وترك المخيمات بكل مآسيها وآلامها الروحية والجسدية والعودة للمساهمة في إعادة إعمار البلد..
بالأمس تم تفكيك مخيم الركبان معلناً نهاية رحلة اللجوء والتهجير وهو ليس خبراً عابراً إنه نهاية لواحدة من أقسى المآسي الإنسانية التي واجهها أهلنا النازحون واختبار حقيقي لقدرة الجميع على تحويل صفحة المأساة إلى بداية جديدة للسوريين الذين يستحقون أكثر من مجرد إزالة الخيام، يستحقون أن تتحول عودتهم إلى ديارهم من حلم بعيد إلى حقيقة ملموسة
اليوم، و بعد تحرير سوريا من النظام البائد ، تتجه أنظار الحكومة السورية نحو حل ملف النازحين، لتُطوى هذه الصفحة الأليمة من تاريخ السوريين وهي مدركة أن استمرار هذه المخيمات يمثل تحدياً وجودياً لمشروع الاستقرار فالخيام الممتدة على الحدود تشكل بيئة خصبة لانتشار الفوضى، و الأهم من ذلك، أنها تذكير دائم بأن أزمة النزوح لم تحل بعد، وأن آلاف العائلات ما زالت تنتظر حلاً يضمن لها العودة بكرامة وهو أمر بحاجة لتضافر جهود الجميع لتأمين مستلزمات الحياة الكريمة في المناطق الأكثر تضرراً جراء قصف النظام البائد وهمجيته بحق أملاك المدنيين ومقدرات البنية التحتية …
نهاية مخيم الركبان تمثل بداية طريق جديد لتفكيك باقي المخيمات، بإرادة تتجدد يوماً بعد يوم تدعمها الدولة حتى يعود كل نازح إلى بيته.
هنادي سلامة