تكتسب زيارة وزير الخارجية السورية السيد أسعد الشيباني ، لروسيا أهمية بالغة بعد التطورات والتغييرات التي حدثت في سوريا بعد إسقاط نظام الأسد ،وتغير موازين القوى في المنطقة.
مرحلة جديدة
فعلى الرغم من التحالفات التي أبرمها النظام السوري مع روسيا في الفترة الماضية، والتي أثارت الكثير من الجدل الدولي والإقليمي، إلا أن رحيل بشار الأسد من السلطة في 8 ديسمبر الماضي وضع نهاية لتلك الحقبة من الطغيان والحروب.
و جاء رحيل الأسد نتيجة لنضال الشعب السوري، الذي تواصل على مدار سنوات من أجل استعادة وطنه وحريته.
في ظل هذه التطورات ، بدأ الدور الروسي في سوريا يأخذ منحى مختلفًا، فالحكومة السورية الجديدة تضع نصب عينيها إعادة بناء البلد على أسس جديدة قائمة على السيادة الوطنية والعدالة.
نقطة مفصلية
اجتماع موسكو يمثل نقطة تحول مفصلية في هذه العلاقة المتجددة بين سوريا وروسيا. فمن جهة، لا يمكن نسيان الدور الروسي الذي دعم الأسد عسكرياً في صراعه ضد الشعب السوري، و من جهة أخرى، فإن الحكومة السورية الحالية تسعى إلى تغيير هذا الإطار، وجعل أي تفاعل مع روسيا يقوم على الاحترام الكامل لسيادة سوريا وأراضيها.
مراجعة شاملة
وبخلاف الاتفاقات السابقة التي أبرمت تحت حكم الأسد، والتي شابها الكثير من الشكوك بشأن الشفافية والمصلحة الوطنية، فإن الحكومة السورية الجديدة تهدف إلى مراجعة شاملة لتلك الاتفاقات.
و زيارة وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني إلى موسكو تفتح الباب أمام حوار بناء مع روسيا حول مستقبل العلاقة بين البلدين، على أسس جديدة من الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية والمصالح المشتركة.
تحديات
والاجتماع في موسكو يأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالديون المتراكمة على النظام البائد، والتزامات شركات النفط والقمح الروسية، وهو ما يستدعي إعادة النظر في كافة الاتفاقات الاقتصادية الموقعة سابقًا.
سوريا والمسار الدولي
سوريا اليوم تعيد رسم مسارها الدولي و التحولات التي تشهدها ، تعكس رغبة شعبها في تجاوز عقود من القمع والدمار،وتأمل الحكومة السورية الحالية أن يكون لها دور جديد في المجتمع الدولي، بعيدًا عن الاصطفافات والتحالفات السابقة.
و أظهرت سوريا أنها في طريقها للعودة إلى المجتمع الدولي، ليس باعتبارها حليفًا لأحد المحاور أو كتلة دولية معينة، بل كدولة ذات سيادة تقف على قدم المساواة مع دول العالم الأخرى.
والاجتماع مع روسيا،يعد أحد المحطات المهمة على هذا الطريق،من حيث السعي لفتح قنوات تواصل مع روسيا، دون أي تنازل عن حقوقها السيادية.
احترام متبادل
إن رؤية سوريا لمستقبلها اليوم تقوم على أساس بناء علاقات من الاحترام المتبادل مع جميع دول العالم، بما في ذلك الغرب والشرق، في إطار من التعاون الاقتصادي والسياسي الذي يخدم المصالح السورية أولًا وأخيراً.
الطريق إلى المستقبل
سوريا لن تساوم على سيادتها أو على حقوق شعبها،و سيكون أي اتفاق أو تعاون مع روسيا، أو مع أي دولة أخرى، قائما على احترام هذه المبادئ،و الحكومة السورية تدرك تماما أن الطريق إلى إعادة الإعمار والتعافي طويل ومعقد، لكنه أيضا مليء بالفرص،وسوريا اليوم تسعى إلى بناء شراكات استراتيجية، تضمن مصالح شعبها، وتدفع نحو السلام والاستقرار في المنطقة.
سورية الجديدة
تتطلع الحكومة السورية اليوم إلى سوريا الجديدة ، سوريا التي تستعيد مكانتها في المجتمع الدولي كدولة ذات سيادة كاملة، تتحمل مسؤولية بناء مستقبلها بعيداً عن قيود الماضي.
عادل الاحمد