تمر العلاقات السورية الروسية بمرحلة تحول دقيقة، حيث تبحث دمشق عن صيغة جديدة لهذه العلاقة التاريخية تتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة ، فبعد سنوات من الحرب والأزمات، تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى إعادة تعريف أولوياتها الخارجية، مع الحفاظ على مصالح الشعب السوري كبوصلة توجه هذه العلاقات.
في هذا الإطار، تأتي زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى موسكو كخطوة أولى نحو مراجعة شاملة للتعاون الثنائي، مع التركيز على رفع العقوبات الدولية التي تعيق عملية إعادة الإعمار، هذه الخطوة تعكس رؤية جديدة تضع التنمية والاستقرار في صلب اهتماماتها، بعيداً عن حسابات الماضي.
السياسة الخارجية السورية اليوم تنطلق من مبدأ التوازن والانفتاح، حيث تسعى إلى بناء جسور التعاون مع مختلف الأطراف الدولية على أساس الاحترام المتبادل ، وفي هذا السياق، تبقى العلاقة مع روسيا إحدى الركائز المهمة، لكنها ليست الركيزة الوحيدة، في مسار يهدف إلى إنهاء العزلة وإعادة دمج سوريا في المحيطين الإقليمي والدولي.
على الصعيد الأمني، تشكل الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية تحدياً جسيماً لجهود الاستقرار، وفي هذا الصدد، يكتسب التعاون مع موسكو أهمية خاصة في ظل الحاجة الملحة لحماية السيادة السورية ووحدة أراضيها ، كما أن الدعم الروسي للعملية السياسية، بما في ذلك الانتخابات القادمة، يمكن أن يسهم في تعزيز المسار الديمقراطي المنشود.
الأهم اليوم هو أن تترجم هذه العلاقة إلى مكاسب ملموسة للشعب السوري الذي ينتظر بفارغ الصبر انتهاء معاناته الطويلة ، فالتعاون الاقتصادي والاستثماري يجب أن ينعكس إيجاباً على حياة المواطنين، عبر إعادة تأهيل البنية التحتية وخلق فرص العمل.
في المحصلة، تمثل المرحلة الحالية فرصة لإعادة تعريف الشراكة السورية الروسية بما يخدم مصالح الطرفين، مع الحفاظ على استقلالية القرار السوري.
التحدي الأكبر يتمثل في تحويل هذه العلاقة إلى عامل داعم للسلام والتنمية، في بلد يستحق بعد سنوات من المعاناة أن ينعم بالاستقرار والازدهار.