العالم يترقّب انطلاق قمة المناخ (COP30) في البرازيل

تتجه أنظار العالم اليوم إلى مدينة بيليم البرازيلية الواقعة في قلب غابات الأمازون، حيث تنطلق أعمال قمة المناخ (COP30) بمشاركة الرئيس أحمد الشرع وعشرات القادة والزعماء من مختلف دول العالم.

وتكتسب مشاركة سوريا في هذا الحدث أهمية خاصة، إذ تُعدّ الأولى لرئيس سوري منذ تأسيس مؤتمرات الأطراف (COP) عام 1995، وتأتي هذه المشاركة في مرحلة تتصاعد فيها التحديات المناخية والضغوط الاقتصادية، ما يجعل الحاجة ملحّة إلى تنسيق دولي فعّال يوازن بين متطلبات التنمية وحماية البيئة.

تحمل مشاركة الرئيس الشرع في (COP30) رسالة واضحة تؤكد انخراط سوريا في الجهود الدولية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية، وخصوصاً في ظل الأضرار التي لحقت بالموارد الطبيعية خلال السنوات الماضية نتيجة الحرب والتغير المناخي.

ووفق مديرية الإعلام في رئاسة الجمهورية سيعقد الرئيس الشرع لقاءات ثنائية مع عدد من قادة الدول ورؤساء الوفود المشاركة، لبحث سبل التعاون بين الدول النامية والمتقدمة في مجالات البيئة والتنمية المستدامة.

يجتمع اليوم وغداً في مدينة بيليم نحو 50 من رؤساء الدول والحكومات الذين استجابوا لدعوة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لمناقشة الإجراءات العاجلة للحد من الاحتباس الحراري.

ومن أبرز الحاضرين المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والأمير وليام الذي يشارك نيابة عن الملك تشارلز، إلى جانب مسؤولين كبار من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وتشكل هذه الاجتماعات الممتدة على مدار يومين، فرصة محورية لتحديد المسارات السياسية قبل انطلاق المفاوضات الرسمية، في مؤشر على أن قمة هذا العام لن تقتصر على المداولات التقنية، بل تشهد حضوراً قيادياً فاعلاً يعكس تزايد الاهتمام العالمي بقضايا المناخ.

ويشارك في المؤتمر ممثلون عن أكثر من 170 دولة، في حين تغيب الولايات المتحدة عن الحضور الرسمي، وهو ما اعتبره مراقبون عاملاً مريحاً لبعض الوفود التي تخوّفت من أن تضع إدارة الرئيس دونالد ترامب عراقيل أمام الاتفاقات الدولية الجديدة للحد من الانبعاثات.

شهدت مؤتمرات المناخ السابقة تحولات كبيرة في مسار العمل المناخي الدولي:

في قمة باريس (COP21) عام 2015، تم التوقيع على اتفاقية تاريخية تهدف إلى إبقاء ارتفاع حرارة الأرض “دون درجتين مئويتين”، والسعي لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.

في قمة شرم الشيخ (COP27) عام 2022، أُنشئ صندوق الخسائر والأضرار لدعم الدول الأكثر تضرراً من آثار التغير المناخي.

أما في قمة الإمارات (COP28) عام 2023، فقد أُشير للمرة الأولى في قرار رسمي إلى الوقود الأحفوري باعتباره السبب الرئيس لأزمة المناخ، في خطوة وُصفت بأنها “تاريخية”.

وفي قمة أذربيجان (COP29) عام 2024، تركزت النقاشات على تمويل المناخ، حيث تعهدت الحكومات بزيادة الدعم المالي، لكن منظمات بيئية اعتبرت تلك التعهدات غير كافية.

وأمام التحولات التي يشهدها المناخ العالمي تشكل قمة بيليم (COP30) محطة حاسمة لتقييم ما تحقق خلال السنوات الماضية وتحديد ما تبقى من تحديات.

تُعقد القمة في بيليم التي اختيرت لتكون “عاصمة المناخ” لهذا العام، نظراً لما تمثله من رمزية كونها بوابة غابات الأمازون، إحدى أهم الرئات البيئية على كوكب الأرض.

وتهدف إلى تقييم التزامات الدول بعد مرور عشر سنوات على اتفاق باريس، وإطلاق مرحلة جديدة من التنفيذ العملي لخفض الانبعاثات الكربونية والتحول نحو الطاقة النظيفة.

يأتي انعقاد (COP30) بعد مرور 33 عاماً على قمة الأرض التي استضافتها البرازيل في ريو دي جانيرو عام 1992، والتي أرست الأساس لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.

ورغم الانتقادات المتكررة لبطء تنفيذ التعهدات، لا تزال مؤتمرات الأطراف إحدى المنصات الدولية القليلة التي تتيح التفاوض الجماعي حول مستقبل المناخ، وتؤثر قراراتها مباشرة في سياسات الطاقة والغابات والاقتصاد في معظم دول العالم.

يناقش القادة في بيليم ملفات تمويل المناخ، والانتقال العادل للطاقة، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي أُنشئ في مؤتمر شرم الشيخ، إلى جانب خطة جديدة لحماية الغابات الاستوائية.

ويرى خبراء أن نجاح القمة سيُقاس بقدرتها على تحويل التعهدات إلى التزامات عملية، واعتماد سياسات ملموسة تحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يبقى السبب الرئيس لأزمة الاحتباس الحراري.

المزيد...
آخر الأخبار