« الواتس آب » تطبيق يفرض سيطرته على العلاقات الاجتماعية

بات لمواقع وبرامج التواصل الاجتماعي أهمية كبيرة، وأصبحت شهرتها واسعة، وكثر التعامل معها بين الناس، حيث يتواصلون عبر هذه المواقع للتعارف ومتابعة أخبار بعضهم البعض، وإرسال رسائل وتلقي الأخبار والموضوعات وكل ما هو جديد في الساحة.
ولكن ما يؤخذ على هذه المواقع والبرامج أنه لا توجد لها ضوابط ، ولا وسائل أو طرق محددة يتقي منها المستخدم الشرور التي قد تصل إليه عنوة، ولا يوجد منهج محدد لإفادة الغير في الاتقاء من هذه الشرور.

وتكمن المشكلة في انتشار برامج التواصل الاجتماعي بشكل كبير، مما أثر على حياة الناس عموما، سواء بشكل سلبي أو إيجابي.
و أغلب البحوث والدراسات تتسم بالندرة (قليلة العدد) وتتعاطى مع هذا الإعلام الجديد بشكل عام ككتلة واحدة.
ولكن جاءت دراسة لتتخصص ولو بشكل يسير في أحد مواضيع هذا الإعلام ، وفتح الباب أمام بحوث أكثر عمقًا تفرز وتحلل تطبيقاته ومجالاته .
عنوان هذه الدراسة البحثية ضمن محور « الإعلام ما له وما عليه « تناولت البحث الدقيق والمسهب عن البرامج المنتشرة في الوقت الحالي لتشمل برنامج الواتس آب في شبكات الاتصال ، وموقع الفيسبوك في مواقع التواصل الاجتماعي، ومعرفة التأثيرات السلبية لهذه البرامج على الأجيال من نواح مختلفة، سواء كانت أخلاقية أو عادات، وفي الحياة عموما، ومعرفة مدى التأثر بمثل هذه المواقع، وكيفية توظيفها توظيفا إيجابيا من خلال النتائج والتوصيات التي توصلت إليها.
وتعتبر هذه الدراسة جديدة في مجال الإعلام الجديد لقلة البحوث والدراسات في مواقع التواصل والاتصال على المستوى المحلي وربما العربي، لكون برنامج الواتس آب برنامجا جديدا بغض النظر عن المواقع الأخرى الجديدة والمتوفرة في كافة الأجهزة الذكية.

الأكثر شيوعا
أصبح برنامج المحادثات «واتس آب» الأكثر شيوعا بين سكان الكرة الأرضية والأفضل والأسهل استخداما وتداولا بين مختلف الفئات العمرية التي تستخدم الهواتف الذكية سواء كانوا ذكورا أو إناثا ، نتيجة تميز تصميمه وسهولة استعماله ولجمعه كل الإيجابيات والإمكانيات التي يتمناها أي إنسان أيا كانت ميوله واهتماماته وتخصصه، وكأي ابتكار جديد لفت واتس آب الناس إليه، لكن ما تفرد به هذا البرنامج عن غيره من البرامج أن الناس غير قادرة على الانفضاض من حوله بسبب مناسبته لاختلاف الأذواق والعقول.
لم تقتصر أبعاد تطبيق « الواتس آب » على الرسائل وتبادل الصور والمقاطع المصورة فحسب، بل تعدى ذلك ليكون المجلس الذي يجمع العائلة، من خلال تخصيص مجموعات يتم خلالها نشر الأخبار وأحدث صور المناسبات والأحداث اليومية، مما أدى إلى القضاء على ما تبقى من العادات الأسرية في التواصل والزيارات، وتسبب في عزوف البعض عن تلك المجموعات نظرا لاختلاف طرحها عن توجهاتهم وتطلعاتهم.
يرى وليد أن هذا التطبيق وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي تحدد مسألة علاقة الفرد مع الأسرة، ولذلك إيجابيات من حيث التواصل مع أفراد الأسرة الواحدة على مدار اليوم، إلا أن بعض الأبناء يفضلون عدم التواجد في هذه المجموعات، نظرا لتعدد توجهاتهم واهتماماتهم، حيث يفضلون المجموعات المهتمة بالأندية أو الشعر وبعض المجموعات الشبابية الخاصة، نظرا لتقارب العمر والتقاء بعض التوجهات والاهتمامات، بعكس مجموعات العائلة التي تكون أغلب رسائلها متكررة أو إشاعات منتشرة.
ويوضح إبراهيم أنه تطبيق ألغى الجلسات العائلية والتجمعات الأسبوعية، كما تسبب في اختلاف أسري، بسبب عدم الانضمام لمثل تلك المجموعات من قبل أحد الأبناء أو كلهم ، مما يبعث بالتساؤلات لدى الوالدين حول الأسباب التي أدت لغيابهم.
وترى شادية أن « الواتس آب « يحمل جوانب سلبية كثيرة ، فمن وضع صورة عرض ورسالة حالة بغرض الانتقام أو الرد لأحدهم، إلى إهمال الأمهات لواجباتهن المنزلية، وإهمال متابعة الأبناء في الدراسة، وهناك رسائل تحمل أحاديث غير صحيحة وتكون متبوعة بالحث على نشرها، وذلك يؤثر على الأمهات اللاتي يقمن بنشرها مباشرة دون التأكد من صحتها، كما يستخدمه الغالبية لمراقبة الآخرين، وهذا سبب رئيسي في مغادرة الأبناء لمجموعات العائلة، وحتى حذف التطبيق.
وتؤكد أنه أثر على العلاقات الاجتماعية والتجمعات الأسبوعية للعائلة، حيث أصبحت بلا معنى، وانشغل الجميع بالمحادثات وإرسال المقاطع والصور.
ويختلف فهد برأيه ونظرته حول تطبيق « الواتس آب» ، مؤكدا أن جوانبه الإيجابية كثيرة وساعد بشكل كبير على تقارب القلوب بين أفراد الأسرة، وإظهار ما لم نكن نعرفه سابقا عن بعضنا في أراء متعددة إلا بالصدفة، والجميل اليوم أن تجد الابن يناقش والده ويحاوره في العديد من القضايا وبحضور الأسرة في المجموعة، والواتس بشكل عام، ساهم بشكل كبير في فهم من حولنا، وقربنا أكثر وأصبحنا نشارك الجميع أفراحهم وأحزانهم.
لعلم النفس .. رأي
إدمان برامج « الشات « كنوع جديد من أنواع الإدمان لا تختلف كثيراً عن المخدرات، وخاصة برنامج الواتس أب الذي يعتبر الأكثر شيوعاً بين سكان العالم وهو الأفضل والأسهل تداولاً بين مختلف الفئات العمرية وخاصة بعد انتشار الهواتف الذكية بشكل كبير.
و أثبتت الدراسات أن الشباب في سن العشرين هم الفئة الأكثر عرضة لإدمان الواتس آب عن غيرها من الفئات العمرية الأخرى، وتعانى هذه الفئة في الغالب لمشاكل في الهوية وتقييم الذات أو من ظروف أسرية تشوبها المشاكل والمعاناة من نقص الاهتمام المحيطي داخل الأسرة، وخاصة فيما يخص هؤلاء ممن يقضون ساعات طويلة في الحديث مع أصدقائهم عبر شاشة الهاتف، على عكس من يتناول هذا البرنامج باعتباره برنامج يسهل الحديث في الأمور المهمة.
ويرى علماء النفس أن جميع مدمني الواتس آب يعلون من قيمة أصدقائهم وأهميتهم في الحياة، فكلما زاد عدد الأصدقاء وزاد استحسانهم على العبارات والتعليقات المتداولة، يشعر الشخص بالسعادة والرضا.
وعن الخسائر الاجتماعية والنفسية لإدمان الواتس آب فقد أكدوا أن له خسائر اجتماعية كبيرة، أولها تضخيم المشكلات، بشكل كبير وذلك لأن التواصل عن طريق الكتابة يختلف عن المخاطبة العادية التي تتيح التعرف على تعبيرات الوجه ونبرات الصوت، والتمييز بين المزاح والجد، مما يضطر المستخدمين للتركيز على الأيقونات لإظهار عواطفهم، إلى جانب الإنهاك النفسي الذي يشعر به المستخدم من كثرة استقبال الرسائل.
ويعد تراجع الأداء الدراسي من الآثار السلبية الناتجة عن كثرة استخدام الواتس أب، بداية من الصوت المنبه على وصول رسالة جديدة وهو ما يشتت الانتباه، ووصولاً إلى الانغماس في المحادثة التي تسرق الوقت بسرعة، كما يسبب قلة الاستيعاب وضعف الذاكرة، لذلك يجب إغلاق المحمول في وقت الدراسة تجنباً للتشتت وتحديد وقت معين مع الأصدقاء، ولا داعي لتجاوزه .
منار الناعمة

المزيد...
آخر الأخبار