تعيش سوريا وشعبها في هذه الأيام ذكرى مرور عام على تحريرها من نظام مستبد حكم بالحديد والنار طوال خمسة عقود وتفنن في إذلال الشعب وظلمه وتعذيبه ولعل أكثر من يشعر بفرحة التحرير هم المعتقلون الذين حررهم الثوار من سجون النظام وبتحريرهم كتب لهم عمر جديد .
” العروبة ” التقت عددا من المحررين من سجون النظام البائد للاطلاع على ظروف اعتقالهم وأساليب تعذيبهم وشعورهم بعد تحريرهم .
أسامة محمد الحسين بين أنه كان معتقلا في سجن صيدنايا الأحمر، وكانت المعاملة سيئة جدا ” ضرب- تعذيب سرقة الطعام والأغراض الشخصية أثناء الزيارات”، لافتا إلى انعدام أدنى مقومات الحياة هناك.
وأشار الحسين أن التعذيب في سجون النظام البائد كان ممنهجا و بشتى الأساليب إضافة لتوجيه أبشع الشتائم للمعتقلين.
وأضاف : كانوا يقومون برمي الطعام على الأرض وحرماننا من مياه الشرب لأكثر من شهر، ويكتفون بتعبئة برميل سعة 15 ليتراً فقط لكافة المعتقلين شهريا، والطعام لا يكفي لشخصين أو ثلاثة وكان عددنا 25 شخصا وكانوا أغلب الأحيان يقومون بحرماننا من الطعام لعدة أيام بحجة قيامنا بمخالفات.
وعن التهم التي وجهت إليه أشار أنها كانت جاهزة ” إطلاق النار على الجيش والنيل من هيبة الدولة وشتم رئيس الجمهورية,
لافتا أن مدة اعتقاله كانت ست سنوات وشهر, مرت كأنها دهر.
وعن شعوره قال الحسين :الحرية كانت حلم ولم أصدق في بداية الأمر أنني عائد إلى عائلتي وأولادي ” شعور لا يوصف حقيقة ” ,يوم التحرير يوم ولادتي من جديد
وأضاف :قدمت لنا بعض المنظمات بعد التحرير العلاج ولكن لم يكن كافيا، وقدم لنا الصليب الأحمر مساعدات مادية وغذائية أيضا.
وعن الصعوبات التي يعاني منها المعتقلون المحررون بين الحسين أنه توجد صعوبات كثيرة أهمها تكلفة العلاج والأدوية وقلة الدعم المالي خاصا في ظل ارتفاع الأسعار.
وختم الحسين : يوم التحرير يوم ميلاد لجميع السوريين
وفي النهاية خرجت من السجن ومعي مرض سرطان بالصدر وأتلقى جرعات كيميائية نتيجة ظروف الاعتقال .
فاروق بوظان وجه تحية لكل معتقل ومعتقلة محررين ونوه أنه من غير الممكن وصف معتقل صيدنايا ، والداخل إليه يتمنى الموت ولا يحصل عليه، فلا يعرف ليله من نهاره، وفيه يُعرف البرد الشديد والجوع والعطش والمرض الشديد، مع نقص الأدوية والأغطية صيفا وشتاء، فيه تسمع الإهانات والشتائم دون السماح حتى بنطق حرف واحد، فيه تعرف كيف يموت زميلك وتلقى جثته في الحمام أو يترك حتى الصباح , تعرف كيف تترك بلا طعام ومياه لأيام، وتحرم من رؤية أهلك طويلا.
ولفت بوظان أن الأفرع الأمنية التي كنا ندخلها قبل صيدنايا لا تقل تعذيبا عن هذا السجن وأحمد الله الذي من علينا بالتحرر من هذا السجن بعد سنتين ونصف تقريبا ,لافتا أن شعور الحرية لا يعادله شعور .
عامر النعسان بين أنه خلال تواجدهم في المعتقل كانت الرعاية الصحية معدومة حيث لا تتوفر أدوية أو علاج للمصابين أو المرضى، ما يؤدي إلى تفاقم الحالات الصحية ووفاة البعض بمرض السل أو الحمى,إضافة إلى سوء التغذية حيث يُقدَّم للمعتقلين طعام غير كافٍ أو فاسد، مما يسبب أمراضاً مزمنة وسوء تغذية حاد.
منوها أن الزنازين كانت مكتظة، حيث يُحتجز المعتقلون في مساحات ضيقة لا تتسع لعددهم، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض والالتهابات الجلدية والتنفسية و معظم المعتقلين يعانون من الربو , إضافة لانعدام النظافة بسبب عدم توفر المياه ,وعانى بعض المعتقلين من التجفاف ,وبين النعسان أن المعتقلين ذاقوا مرارة التعذيب والاضطهاد,و أنه تم إعدام عدد كبير من المعتقلين، ولم يتم العثور على جثامينهم ، وتم إيجاد ثبوتيات ورقية تخص إعدامهم .
ولفت النعسان أن سنوات الاعتقال الست التي قضاها كانت تزرع في نفسه اليأس والشك بعدم الخروج حيا، ولكن دخول الثوار يوم التحرير وفتح أبواب الزنازين للمعتقلين أعادت الأمل للجميع وكأنهم ولدوا من جديد يوم 8 / 12 / 2024 .
وأشار النعسان أن كثيرا من المعتقلين المحررين من سجون النظام البائد يعانون من اضطرابات نفسية جراء قسوة التعذيب إضافة لوضع مادي سيء جدا وهم بحاجة للدعم المعنوي والمادي للبدء بحياة جديدة والمساهمة في إعادة بناء سوريا التي نحبها جميعا .
العروبة _ يوسف بدور