انطلقت فعاليات مهرجان الثقافة الموسيقية مؤخراً على مسرح دار الثقافة وهي مستمرة لغاية يوم الأربعاء القادم حيث يحتضن في أيامه تسع فرق فنية منها فرقتان ضيفتان هما الفرقة السيمفونية الوطنية وخماسي موسيقا روح الشرق وسبع فرق فنية حمصية منها فرقتان تمثلان الأندية الفنية هما نادي دوحة الميماس ونادي دار الفنون وغياب نادي الخيام وخمس فرق أخرى ثلاث فرق منها تشارك في المهرجان لأول مرة وهي فرقة صبايا لونغا وفرقة السلام التابعة لمعهد إعداد المدرسين وفرقة اوركسترا مديرية الثقافة المشكلة حديثاً وهذا يعني أن هناك فرقتين موسيقيتين لهما مشاركات سابقة وخاصة في المهرجان السابق الذي أقيم منذ عامين وهما فرقة موازييك وفرقة نقابة الفنانين في حين يسجل غياب لفرق موسيقية شاركت في المهرجان الأخير وغابت عن المشاركة هذا العام ..
هذا الأمر يترك عدة مؤشرات أن تلك الفرق الموسيقية ليست كلها قادرة على الاستمرار وذلك لأسباب عديدة أهمها يتعلق بالدعم المادي الذي يمكن أن يتوفر لفرق الهيئات والمؤسسات الثقافية التي يتوفر لها مكان التدريب والتجهيزات اللازمة لتلك الفرق كي تقدم حصيلة تدريباتها في تلك المهرجانات والحفلات الفنية التي تقام على الأغلب في مناسبات معينة من العام .
وإذا كان هذا هو حال تلك الفرق فهل هذا ينعكس على النشاط العام في المدينة ..بالتأكيد ينعكس فالعامل المادي له تأثير كبير على الإنتاج الثقافي والفني وهذا ما يجب أن يكون حلقة بحث يمكن أن تقوم بها النقابة وتدعو إليها كافة الجهات المعنية لبحث السبل التي يمكن من خلالها توفير المناخ الملائم لكل الفرق الفنية والموسيقية من أجل استمرارها وتمكنها من تقديم برامج ثقافية وفنية لائقة بمثل هذه المهرجانات .
إذا كانت نقابة الفنانين على الرغم من إمكانياتها المادية “المتواضعة “فهي وضمن الإمكانيات “المتاحة “أصبحت تقوم بمهرجان الثقافة الموسيقية مرة كل سنتين بالتعاقب مع مهرجان حمص المسرحي لأن مثل هذا المهرجان أصبح في الوقت الحالي يكلف عدة ملايين من الليرات السورية في حين أنه كان لا يكلف تلك الأرقام قبل الحرب الكونية على سورية والتي كانت تبلغ بضع مئات من ألاف الليرات …وعلى الرغم من الدعم الذي تتلقاه من النقابة المركزية بدمشق فهي لا تبدو قادرة على إقامة هذين المهرجانين بين “الموسيقي والمسرحي” كل عام وبفترتين متباعدتين نوعاً ما وذلك لعجز النقابة المادي عن تغطية نفقات المهرجانين …إذن ما الحل كي تستطيع الفرق الفنية ونقابة الفنانين إقامة هذا المهرجان بشكل سنوي أولاً،وبشكل تشارك فيه الفرق الموسيقية كلها في هذا المهرجان مع العلم أن عدد الفرق المشاركة هذا العام كبير فوجود سبع فرق محلية وفرقتين من خارج المحافظة ليس بالأمر السهل…
المشكلة المادية تكاد تهيمن على الفرق وعلى الفعاليات المنظمة لهذه المهرجانات والسؤال دائماً هو كيف نستطيع أن نوفر الدعم المادي كي يستمر المهرجان وتستمر الفرق الفنية.. هل يمكن أن يكون هذا الأمر عبر توفير داعمين وممولين من القطاع الخاص من التجار والصناعيين كما حصل في بعض المهرجانات التي حصلت في فترة ما قبل الحرب الكونية ،أم قيام مجلس مدينة حمص بتقديم الإعانات المادية لتلك الفرق الفنية كي تستمر في تقديم أعمالها الفنية وذلك أيضاً كان يحصل في فترة من الفترات قبل تلك الحرب الظالمة .
اعتقد أن الموضوع شائك ويحتاج لمزيد من البحث للوصول إلى صيغة معينة تكفل استمرار الفرق الفنية التي تقدم الموهوبين من موسيقيين ومطربين يقدمون تجارب فنية غنائية وموسيقية لافتة خاصة وأن الأسس متوفرة ولا تحتاج المسألة لإيجاد صيغة تكفل نمو ورعاية ودعم تلك الخامات ..
مهرجان الثقافة الموسيقية التاسع عشر قدم عبر مهرجانه فرقاً موسيقية وغنائية مهمة أضاءت ليالي تشرين الماطرة بموسيقا وأغان حلقت في ملكوت الإبداع الموسيقي والغنائي وهذا التحليق يتطلب البحث المستمر عن السبل التي تكفل الاستمرار وتوفير المناخ اللازم كي تبدع في حالة صحية تتوفر لمؤسساتنا ولفرقنا الفنية وهذا ما يجب أن يبقى في حالة بحث دائم كي نؤمن هذا النمو وتلك الرعاية المطلوبة .
عبد الحكيم مرزوق