قصيدة الصورة و صورة القصيدة

نماذج من الأدب العربي
– الرسم بالكلمات « قصر غرناطة « نموذج لـ « نزاز قباني »
– وصف إيوان كسرى « للبحتري»
وصف قصر تاجوراء بالهند « لعمر أبي ريشة »
2-نماذج من الأدب العالمي
-تمثال فينوس للشاعر الألماني « فيلهيلم»
لوحة الموناليزا للشاعر الايرلندي « إدوارد دودن»
لوحة الانتصار للشاعر الإيطالي « رافائيل »
إن العلاقة بين الشعر و الرسم قد شغلت الشعراء و النقاد أكثر بكثير من العلاقة بين الشعر و سائر الفنون ، لأن الشاعر يسمع بأذن الروح لا بالأذن الحسية و يرى بعين التذوق لا بالعين العضوية فهو صورة ناطقة أو رسم ناطق ، و الرسم و التصوير شعر صامت و الشعر صور ناطقة
و يتفوق الرسم على الشعر في محاكاة الطبيعة ،ولكن الدراسات النقدية توضح العلاقة الوثيقة بين الشعر و الرسم ،أي أن الرسم و الكتابة فن واحد، و الشاعر يستطيع أن يرسم الشعر كما يستطيع الرسام أن يكتب قصائد بلا صوت فالعلاقة بينهما علاقة الرحم ، فالاستعارات الجريئة في الشعر تساوي الألوان المتوهجة في الرسم و التأثير الناتج عن بعض التشبيهات و الكنايات و أشكال التعبير الشعري تشبه التأثير المنبعث من الألوان و الظلال و الأضواء من لوحة الرسام . و لا بد من القول إن تأكيد هذه الصلة الحميمة بين الرسم و الشعر لا يعني ببساطة أن القصيدة الشعرية يمكن أن تمثل الصورة في اللوحة ، بحيث تكون مطابقة لها أو أنهما يمكن أن يترجما المشاعر و الأخيلة و المواقف النفسية و العقلية بلسان واحد ، فالحدود بينهما قائمة بالرغم من زئبقيتهما مع أنهما يتدفقان من نبع جياش واحد هو « الفكر» . إن النص الشعري لا يقارن بنص نثري بل بفن مستقل عنه كالرسم مثلاً حيث يلقي أحدهما الضوء على الآخر و يتواصل معه
و لما كانت قصيدة الصورة تقوم على أساس الاختلاف القائم بين الفن اللغوي و فن التصوير و لا تمس الحواجز الفاصلة بينهما فإنها تستطيع بوسائلها اللغوية و الإيقاعية أن تفسر ما تمثله الصورة بوسائلها العيانية في وسط آخر ، بحيث تتخطى حدود الفن و الأدب لينعكس على علوم الاجتماع و النفس و الجمال ، ففي إمكان المهتم بأحد هذه العلوم أن يعرف كيف تلّقى الناس عملاً من الأعمال الفنية بكل ما ينطوي عليه تلقي الفن من مضامين اجتماعية و دلالات على روح العصر و ثقافته و في استطاعة عالم النفس أن يتوسل بالنص الشعري للتغلغل في نفسية الفنان و الاطلاع على أسرار صنعته و إبداعه و لن يتردد عالم اللغة عن دراسة القصيدة ليكشف عن دلالة الكلمات و الصور و ما حملت من قوة الرمز و قدرته على الإشعاع و الإيحاء و التلوين ، و هل عبرت الأرض الحرام التي كانت تفصل بأسلاك شائكة بين الفن و الأدب ؟ و هل انصهرت في القصيدة و اللوحة الألفاظ و الصور و الأوزان من جهة مع الألوان و الظلال من جهة أخرى ؟
نزيه شاهين ضاحي

المزيد...
آخر الأخبار