المبادرات الأهلية لها دور كبير في تحسين صورة الأحياء والمدن والبلدات والقرى فالمجالس المحلية لا تستطيع وحدها القيام بكل شيء في ظل التقسيم الإداري الموجود بدءاً من أصغر وحدة إدارية والتي تبدأ بالحي وانتهاء بأكبر وحدة إدارية التي تمثل المدن الكبيرة والمحافظات فتلك المجالس قد تقوم بدورها المنوط بها، وقد تقصر ،وقد تعجز في بعض الأحيان لسبب ما كما حصل أثناء الحرب الكونية على بلادنا حين تعذر وصول الخدمات إلى بعض المناطق بسبب الإرهاب ، ولكن في الأحوال العادية وحين يستتب الأمن والأمان تشهد كل المدن حركة للعمل المحلي يقوم به بعض المتطوعين في تلك الأحياء برعاية المجالس المحلية وبإشرافها لتحسين صورة تلك الأحياء وإضفاء بعض اللمسات الجمالية عليها والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى ففي دمشق مثلا قامت مبادرات عديدة منها الاستفادة من توالف الطبيعة في تجميل أسوار بعض المؤسسات والمدارس والأحياء حيث ظهرت بشكل فني جميل ، وفي حمص مثلاً شهدنا مبادرات لبعض الأحياء عبر أشخاص قادوا هذا العمل المجتمعي المفيد ومن تلك المبادرات مثلاً المبادرة التي قام بها الفنان سامر إبراهيم في تحسين صورة حدائق حمص ، وأطلق عليها مبادرة حدائق حمص العدية وذلك بعد الحصول على موافقة ودعم مجلس مدينة حمص حيث تم تنظيف بعض الحدائق وتجميل الجدران الملاصقة لها وتزيينها بالرسوم الجميلة التي أضافت بعض اللمسات الجمالية بمشاركة بعض المتطوعين من الفنانين وأصدقائهم المحبين الذين يحملون العشق لبلدهم الذي يعيشون فيه ويريدونه أن يكون أجمل دائماً وأبداً ..
ويمكن أن أذكر أيضاً مبادرة أخرى لأحد الأشخاص المجتهدين الذين تابعت تقريراً متلفزاً عن عملهم الذي نعتز به حيث قام « أبو المجد » وهو ضابط متقاعد بزراعة الأشجار في منطقة الادخار والعناية بها منذ عام 2014 حيث بلغ عدد الأشجار التي زرعها في الحدائق الموجودة في تلك المنطقة أكثر من مئتي شجرة وهو على مدى السنوات الخمس الماضية يقوم بالزراعة والسقاية والعناية بتلك الحدائق حتى أصبح شكلها “ أي الحدائق” أجمل وأحلى من السابق وكان يدفع من جيبه ثمن تلك الغرسات التي كان يزرعها وهو عمل مهم وجميل يستحق عليه الشكر والاهتمام والتكريم من المجتمع المحلي الرسمي والشعبي لما يقوم به من دور هام في تجميل وتحسين صورة المدينة .
ومن المبادرات أيضاً التي أقامها مجلس مدينة حمص تنظيمه حملة نظافة تطوعية في حي عكرمة الجنوبي ووادي الذهب ،وذلك استمراراً للحملة التي أطلقها المجلس تحت شعار “ سوا مكملين سوا لتصير مدينتنا أجمل” والتي بدأت من حي القرابيص لتشمل كافة أحياء المدينة بالتعاون مع الفعاليات الأهلية ولجان الأحياء حيث أشار رئيس مجلس مدينة حمص المهندس عبد الله البواب حسب تصريح له لصحيفة العروبة أن قيام أهالي حي القرابيص بطلب المساعدة من مجلس المدينة لتنظيف الحي كان سبباً في إطلاق فكرة جديدة لتصبح مبادرة في كافة الأحياء لأن النظافة مسؤولية الجميع وليست محصورة بجهة معينة وليشعر الأهالي بالعمل الذي يقدمه عامل النظافة وبالتالي التزامهم وتقيدهم بمواعيد رمي القمامة وعلى هذا فان ثمة تغييراً وتحسناً قد طرأ على واقع تلك الأحياء بعد تلك المبادرات بفضل الأهالي الذين يشعرون بأهمية تحسين واقع أحيائهم للأفضل وهي حالة اعتقد أنها ينبغي أن تكون عامة وليست محصورة بهذا الحي أو ذاك فجمال مدينتنا مسؤولية الجميع وعلينا أن نعمل جميعاً لإظهارها بأحسن صورة ..
اذكر أيضاً منذ أشهر قامت إحدى المنظمات الشعبية بالتعاون مع مجلس مدينة حمص بمبادرة تنظيف مدخل حمص الشمالي وقد لاقت هذه المبادرة أصداءً شعبية ورسمية مهمة لما لها من أهمية في إضفاء بعض اللمسات الجمالية والفنية على مدخل حمص الشمالي .
وبعد : ربما كانت هناك مبادرات أخرى قامت وتقوم عبر بعض الهيئات أو الأشخاص وهي كلها جهود مشكورة واعتقد أن نجاح تلك المبادرات بانطلاقها من قلب تلك الأحياء ومن الأهالي الذين شعروا بأهمية الأعمال التي اقترحوها والتي كانت ضرورية لتلك الأحياء ، كي تصبح المبادرات يومية وتطوعية فهؤلاء الذين نظفوا وزرعوا هم من أبناء هذا البلد وإذا كان عدد أولئك المبادرين قليلاً نوعاً ما فالأمل معقود أن تزداد أعدادهم في الفترة القادمة فما أجمل أن يقوم أحدنا بخدمة بلده بعمل بسيط كما ظهر في تلك المبادرات وأعتقد أن على لجان الأحياء تنظيم هذه المبادرات من خلال وجودهم ومعرفة ما تتطلبه أحياؤهم فهناك الكثير من الأعمال يمكن تنفيذها في أحيائهم التي تحتاج الى الكثير من العمل الأهلي عبر المبادرات وعبر اجتهاداتهم وأعتقد أن دورهم لا يقتصر على توزيع الغاز والمازوت والبحث عن بعض المنافع الخاصة … بل هناك الكثير من الاعمال التي سيكون مردودها كبيرا على مر الأيام والسنوات .
عبد الحكيم مرزوق