بدأت معرفتي بالأديب الدكتور راتب سكر عندما أصدر مجموعته الشعرية الأولى ، تحت عنوان – وجهك وضاح وثغرك باسم – عام أربعة وثمانين ، فقد شدني العنوان المضمن من بيت شعري للشاعر المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني في معركة – الحدث الحمراء – :
تمر بك الأبطال كلمى ، هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم
وأدركت منذ المجموعة الأولى أنه شاعر حداثوي صافي النفس ، طيب السريرة يميل إلى البساطة في التعبير ويبتعد عن التعقيد البلاغي ، وغاب هذا الاسم لفترة ربما كانت فترة دراسته في لبنان ثم في روسيا،وتوطدت علاقتي به عن طريق الصديق الدكتور هيثم يحيى الخواجة فقد رافقت الدكتور هيثم في رحلة إلى مدينة حماة – جارة العاصي- وحللنا في منزل الدكتور راتب سكر، وكان في ضيافته عالم الآثار الأستاذ جورج نحاس كما أذكر ، وكانت جلسة أدبية ثقافية متنوعة على شرفة منزله المقابلة للنواعير،وأصبح الدكتور راتب عضوا ً في الهيئة التدريسية في كلية الآداب في جامعة البعث وهذا أتاح لنا لقاءات ولقاءات ،وكان لي شرف كتابة دراسة عن مجموعته الشعرية الثانية – أبي ينحت الحجر- التي صدرت ضمن منشورات اتحاد الكتاب عام أربعة وتسعين .
وبعد سنتين صدرت مجموعته الثالثة – في حضرة العاصي- وقد تجسدت فيها جماليات المكان ، تلك الجماليات التي تحدث عنها الأديب الفرنسي : غاستون باشلار .
وفي أواخر التسعينيات ذهب الأديب راتب سكر إلى اليمن وعمل مدرسا ً في جامعة صنعاء ، وأصدر دراسته الأدبية التوثيقية – أسماء على ضفاف العاصي – وهو كتاب تراجم لأسماء ثقافية لامعة ارتبطت بالعاصي بمدينة حماة ، وقد صدر الكتاب في صنعاء عام تسعة وتسعين ومن صنعاء إلى حمص فحماة ومنها إلى السويداء وأخيرا ً الاستقرار في جامعة دمشق والقرب من اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة والدوريات الأدبية والنشاطات الثقافية ، وكان آخر مجموعة شعرية قرأتها للشاعر – ملاءة الحرير- التي كتب على غلافها الأخير :
عبور في أعراس القطاف على حصان من قصب ، يصور عشق الوطن في جرعة من غرق وصلاة ورياحين مع شعور بالاغتراب يحمل حزنا ً دفينا ً من نحيب- وقد سرني جدا ً أن الأديب الدكتور راتب سكر كان عضوا ً في اللجنة التي ناقشتني في أطروحة الدكتوراه – الأنماط الأسطورية وانزياحاتها في شعر التفعيلة في سورية – وكان ذلك في عام ألفين وتسعة .
ومازال الأديب الدكتور راتب سكر شعلة نشاط ثقافي واجتماعي وتدريسي ، يعد بالكثير الكثير .
د. غسان لافي طعمة
المزيد...