ماذا يعني أن يصل الدولار الأمريكي إلى حدود الألف ليرة سورية ومن ثم يهبط إلى حدود السبعمئة ليرة في ليلة وضحاها وماذا يعني أيضاً أن يصل غرام الذهب إلى الـ 39000 ليرة سورية ليعاود هبوطه إلى حدود الـ 33000 ليرة سورية .. هل يعني هذا أن هناك أياد خفية تتلاعب بمقدرات البلاد وهي المسؤولة أولاً وأخيراً عن موجة الغلاء التي طالت معظم السلع الاستهلاكية وبشكل فاق كل التوقعات , وهل كانت تلك الارتفاعات رداً على زيادة الرواتب التي استفادت منها شريحة واسعة من الشعب السوري .. وهل يمكن القول أنها جعلت هذه الزيادة تتلاشى أمام تلك الهبّة غير المتوقعة من صعود الأسعار التي لم تنخفض على الرغم من ذلك الهبوط غير المستقر الذي طال الدولار الأمريكي والذهب .
ثمة الكثير من التساؤلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم حول تلك الأزمات التي يتعرض لها يومياً المواطن السوري في حياته الذي يعتبر بحق رمزاً للصمود لأنه تحمّل وما يزال يتحمّل الكثير من الأزمات التي تعترضه فهو صمد خلال السنوات الثمان الماضية أمام الحرب الكونية التي تعرضت لها سورية وبفضل هذا الصمود للقيادة الحكيمة وبطولات الجيش العربي السوري تحررت مساحات جغرافية كبيرة لوطننا الحبيب من العصابات الإرهابية المرتزقة والإرهابية الداعشية وغيرها التي جيء بها من أصقاع العالم كي تحارب الدولة السورية وتنال من صمود الشعب السوري وتفتت وحدته الوطنية التي أثبتت السنوات الماضية أنها قوية واستطاعت أن تتماسك وتعيد لحمتها الوطنية بطرد تلك العصابات من الأراضي السورية لتكون قاب قوسين أو أدنى من إعلان الانتصار على الحرب العسكرية القذرة التي تعرضت لها سورية بتخطيط من الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ..
لم تنته الحرب العسكرية التي خاضتها الإدارة الأمريكية عبر عملائها وأدواتها في المنطقة والتي تكللت بالفشل حتى بدأت حرب جديدة هي الحرب الاقتصادية من خلال فرض الحصار الاقتصادي وتضييق الخناق على الشعب كي تحصد الإدارة الأمريكية نتائج تفرضها هي على الدولة والشعب وذلك بعد فشل حربها العسكرية .. فهل تنجح الإدارة الأمريكية في حربها الاقتصادية بإخضاع سورية وشعبها لتنال منها وتحقق أهدافها…
أعتقد أن الإجابة على هذا التساؤل واضحة ولا تحتاج لكثير عناء حتى نقرأ النتائج فسورية قد عانت حصاراً وحرباً اقتصادية مريرة في الثمانينات ،وصمد الشعب السوري آنذاك ووقف بوجه الحصار الاقتصادي و الحرب التي شنتها الدول الاستعمارية وخرجت سورية منتصرة من تلك السنوات العجاف التي مرت بها ..
هل التاريخ يعيد نفسه ، نعم ،يعيد نفسه بأشكال مختلفة فالعدو الذي حاربنا في الثمانينات هو نفسه الذي يحاربنا اليوم وبأدوات وبأساليب تقنية جديدة .. ، أكثر وقاحة ووحشية مما كانت في السابق .
لقد بات واضحاً للعيان أن الإدارة الأمريكية تستهدف دول المقاومة كرمى لعين العدو الإسرائيلي وإذا كانت سورية هي المستهدفة فهذا لأن سورية هي الرقم الأصعب في المنطقة الذي لا يمكن فك شيفرته بسهولة ولهذا فإن تلك الأزمات الاقتصادية والتي تندرج ضمن حرب ممنهجة تحاول النيل من هذا البلد لن تكون هذه الحرب الاقتصادية التي تخوضها الإدارة الأمريكية من وراء الستارة عبر أدواتها وعملائها في المنطقة سبباً في تحقيق أهدافها المعلنة والمضمرة على الرغم من الارتفاعات الكبيرة التي طالت معظم السلع الغذائية فالأمل معقود على الإجراءات الحكومية التي ربما تأخرت بضبط تسعير الدولار وإيقافه عند حد معين …
أعتقد أن سورية ليست عاجزة عن خفض الأسعار ،كما أنها قادرة على تخفيض سعر الصرف للعملات الأجنبية وذلك من خلال الإجراءات الحاسمة التي يفترض أن تستمر بتنفيذها والدليل على ذلك هو كبح جماح الارتفاع الكبير الذي طال بالدولار حين وصل إلى حدود الـ1000 ليرة سورية وكذلك الذهب حين وصل سعر غرامه إلى الـ39000 ليرة سورية ، وهذا يعني أن لاشيء صعب فمن استطاع أن ينتصر على أكثر من ثمانين دولة حاربت سورية عسكرياً ..يسهل عليه الانتصار على حرب اقتصادية معروفة الأبعاد وذلك من خلال القرارات الحاسمة التي استطاعت أن تكون عنوان الانتصار في الماضي القريب وستكون العنوان الأبرز في المستقبل..
عبد الحكيم مرزوق