« مجرد تلفت» لمحمود نقشو مجموعة شعرية جديدة

«مجرد تلفت » عنوان محمول على التساؤلات ، له دلالته ورمزيته الخاصة ، عنوان مختلف يستعيد فكرة الحداثة ويبدو مدهشا. هو مزيج من المشاعر والأحاسيس التي أحسن الشاعر دمجها وإعلانها إبداعا تفرد بخلقه. محمود نقشو شاعر وباحث غني عن التعريف متمرس بالأبحاث وسبر أغوار النص الشعري ومكنوناته ، خبير بشؤون الشعر وأهل الشعر وهو الأدرى بصنعته وسره ، جعل لنفسه فضاءات لغوية وإيقاعات جميلة . في ديوانه ( مجرد تلفت) الصادر عن اتحاد الكتاب العرب ، نزوع فطري للجمال والحب والأمل ومقاومة الانكسارات ، يتأمل الحياة بإنسانية يسودها السلام والهدوء والاطمئنان ، يحاول أن يوقد شمعة ضوء في وسط الظلام ، كما يحافظ على أمانة حب الوطن فبحبه تكبر الأحلام ويكبر الحب وتتخمر رؤاه يقول في قصيدته ( ما قد يكون جميلا) : يا حيّ القادم أحلى حتى لو طُعن البحار بنصل الماء وغيرت الأمواج خرائطه وترامى في الأنحاء يلاحق خيط حياة القادم أحلى تخبرنا الأسوار بهذا والقمر السهران هناك في المرآة ، تبدو ملامح التأمل العميق والمعاني البليغة في قصائده ، وذلك بفعل الحزن والألم ووخزات الذكريات ، قصائد الشاعر محمود نقشو تتميز بلغته القديرة والمتمكنة من نسجها الإبداعي يتميز بالسليقة الشعرية المنسابة كالماء العذب في قصيدة ( الحجاب ) يقول : صحيح أن السرداب _ أخبرني التراب_ وأنه زمن رجيم موجع لكن للماء البقاء وما صنوف الموت هذه غير تذكرة ليعبر من تبقى من عصافير النبوءة نحو هاجسها بما حمل النهار من الرؤى والزاد …. يعكس الشاعر حالة الوطن الجريح ويصوغها بشاعرية فذة ويضعنا أمام حقيقة الدمار بسبب الإرهاب ، ورغم ذلك فهو يبث الأمل بالغد الآتي في قصيدته ( حمص في ساعة متأخرة منها ) تلك الأصابع لا تحيط الكأس هذي الليلة الأشياء غامضة كما لو أنها في غاية الإرباك والإنهاك يختصر الأحاديث القديمة في غضون المنحنى …. يمتلك الشاعر براعة نافذة في الصياغة والتركيب والتخيل وتتميز قصائده بعمق المعنى والمضمون والجمال الموسيقي يعد شعره من الشعر الفخم في مكوناته ومكنوناته لغة وإيقاعا ونغمة ورؤيا في قصيدته سيدي الحزن ، تأتي المشاعر من ينبوع قلبه وروحه المتدفق بالأخيلة التي تعانق البحار والدوالي ، النهار والمساء من حدائق اللوز والظلال . سيدي الحزن هل لي بهذا السؤال إذا ما أذنت ببدء الحوار ؟ كم فلول أحاطت بروحي أو أن الطلوع إليك وكم موجة من غموض البحار ؟ كم أفول شهدت وكم من خيول ترامت هناك وحنّت لدرب طوته الدروب وروح طوتها القفار؟ يحاول الشاعر العبور على متن قصائده إلى الدنيا والحياة (مدار الشعر ) قصيدة يقول فيها: أرى أن القصيدة لم تقل بعد الوداع ولم يبت في الشارع الشعر الكلام يريد وقتا كي يحدد مبتداه ومنتهاك فلا تتركه في الأحراش يصطاد القليل من الظلال ويعجن طينة الشعر البهي من استدارات الهلاك ….. ( مجرد تلفت ) تساؤلات ومشاعر ترسم لونا للنهار ترسم أماكن تعيش في ذاكرته ( الروضة) و( الدبلان) و( الغوطة)و ( أبواب حمص السبعة) مجرد تلفت ديوان يحتوي مجموعة من الرؤى الناهضة بفعل الحياة ، هو نتاج توترات وتقلبات وغربة واشتياق.
خديجة الحسن

المزيد...
آخر الأخبار