قرأت أن فيكتور هوغو الأديب الفرنسي الشهير استمع مرة إلى شاعر شاب جاء يلقي قصيدة بحضور شاعر فرنسا الأول ولما انتهى من إلقاء ( قصيدته) سأل هوغو عن رأيه فيها .. والقصيدة تدور حول الحبيبة العصية على الوصال فهي لاتعيره اهتماماً ,ولا تأبه لمشاعره ويقول في نهايتها : (أكاد أموت .. أشعر أن روحي تفارق جسدي من أجلك ..)
فرد عليه الشاعر هوغو رداً واضحاً لا مواربة فيه : قائلاً 🙁 ليت ما قلته في آخر بيت في القصيدة يتحقق…!). قالها ممازحاً مغتاظاً من كثرة حنقه بسبب تفاهة ما سمعه تحت مسمى شعر ,ولو كان هوغو بيننا اليوم يطلع على ما يكتب تحت مسمى شعر لتمنى الفناء لكل من يسيء للذائقة الشعرية , بسبب الارتكابات الفادحة بحق اللغة العربية وبحق الشعر .
والطريف أنه كلما دار نقاش حول هذا الموضوع الكل يضع اللوم على الآخر. مرة يقع اللوم على الإعلام ومرة على المراكز الثقافية وثالثة على دور النشر التي لم تعد تأبه إلا بالمال الذي يدفعه من يريد الطباعة وليطبع ما يريد, ومرة على حمى الأندية الثقافية التي تتفشى حتى صار في كل زقاق ناد أدبي !
أين المعنيون بالتمكين للغة العربية مما يجري ,أين هم من لوحات الإعلان التي تحتوي لغة فيسبوكية ترفع وتجر دون قواعد تحت يافطة :(العامية أقرب إلى الناس ومقنعة أكثر ),أين هم مما تنشره المطابع, مجازر لغوية حقيقية بحق اللغة والأدب ..
إن مواطن الجمال في الحياة كثيرة مثلما هي مواطن القبح . وبقدر ما يعمل الإنسان لصنع حياة جميلة فإنه يعمل لدفن القبح,والأدب هو الإبداع بأي شكل جاء ، يفتح أعيننا على الحياة بكل ما فيها انتصاراً لرسالة الحق والجمال . ,والنص الجليل والجميل يزرع في نفوسنا التفاؤل والمحبة ,أما الثرثرة الفارغة فلا لون لها ولا رائحة ,فثمة كلام نقرؤه ,لا لغة ولا معنى ولا فكرة .. كلمات مصفوفة قرب بعضها كتب على غلافها قصائد .. وبالمقابل هناك كلام يمس شغاف القلب ويهز الروح ,ويضيف للحياة جمالاً ومعرفة, فمتى نضع إصبع النقد في عين الأعور الأدبي لقطع الطريق على المجاملات المبنية على قاعدة (حكلي لحكلك ) ؟؟.
ميمونة العلي
المزيد...