الطفل يقلد المشاهير… ويحلم بالنجومية

الكثير من الأطفال يرددون أغان يسمعونها أو يشاهدونها على شاشات التلفاز عبر محطات مختصة بالأغاني ، وما أكثرها ، فيحفظونها عن ظهر قلب بل قد يتطور بهم الحال فيؤلفون مشهدا موسيقيا ويعدون سيناريو خيالي لأغنية سيؤدونها أمام الأهل أو الأقارب أو لوحدهم أمام المرآة مطلقين لأنفسهم العنان في الغناء والرقص والتمايل و..و..
حلا طفلة جميلة لم تتجاوز الأعوام الستة تدخل إلى غرفتها وتنسق بعضا من ملابسها التي لملمت القسم الأكبر منها من خزانة والدتها ، ثم ترتب شعرها على طريقة مطربتها المحبوبة وتخرج معلنة أنها جاهزة للغناء …

وهنا يكمن التساؤل هل من الطبيعي أن يتأثر الطفل وخاصة قبل سن العاشرة بأحد المشاهير وخاصة مشاهير الغناء ؟
تقول إحدى الأمهات : إن الطفل بين الست والسبع سنوات يخترع صديقاً خيالياً وهذا أمر جيد للطفل الخجول فالخيال يساعده على التخلص من ذلك أو يلجأ إليه عندما يشعر بأزمة بينما النجم هو الصورة الجاهزة التي يريد تقليدها فالصديق الوهمي يلغيه الطفل من حياته عندما لا يحتاج إليه ولكن النجم لا ينتظر أن يختفي لأنه موجود بالفعل وعموما يحتاج الطفل إلى الخيال لأنه ليس واضحا بعد بالنسبة إليه الفرق بين الخيال والواقع وهنا تدخل الأهل ضروري ليحاولوا توضيح الفارق بينهما ولكن لا يمكنهم منع الطفل من التخيل لأنه يساعد في نموه الفكري وبطريقة صحيحة .
رشا أم لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات قالت : أعتقد أن ابني يملك أذنا موسيقية وحتى يمكنني القول طربية فهو يتأثر كثيرا بأغاني أحد المشاهير فما إن يسمع إحدى أغانيه حتى يبدأ بالتمايل وكأنما يريد الغناء معه ومن المواقف الطريفة التي حدثت معي أنني كنت في أحد المحال لشراء بعض الحاجيات وكانت البائعة تستمع لأغنية فما كان من صغيري إلا التمايل وهز رأسه بكل استمتاع .
بشرى ابنتها تهوى أغاني الفيديو كليب التي تعرض على محطات التلفزة منذ أن كانت في سنواتها الأولى وما إن تظهر أغنيتها المفضلة حتى تراها تركض راقصة – متمايلة ولا يضرها أن تغني معها بصوت عال حتى يسمها كل من في البيت وحتى في منزل الجيران.
جمانة ، ابنتها كبرت على التقليد – على حد قولها – فقالت : هذا كان في الماضي فقد كانت ابنتي صغيرة -في الصف الأول – عندما كانت ترقص على أنغام أغنية مشهورة في ذلك الوقت وكانت لا تهدأ حتى تنتهي الأغنية وكان يحلو لها أن تقلد المغنيات اللواتي يرقصن مع أغنياتهن .
سحر قالت : إن التأثر بشخصية نجم أو اختراع فريق موسيقي وجمهور أمر طبيعي بالنسبة إلى الطفل وهو بذلك كالطفل الذي يقلد الطبيب ويستخدم أدواته أو الفتاة التي تجعل من نفسها مدرسة على تلاميذ هم بالحقيقة دماها ، وكمن يقلد البائع أو السمكري أو مصلح أدوات كهربائية … ولكن تقمص شخصية النجم أكثر حساسية لأنه يختار شخصا بذاته وقد تصل درجة تعلقه به وتقليده إلى مرحلة تلغي فيها الحياة الطبيعية التي يجب أن يعيشها الطفل بكل البراءة والجمال الطفولي .
أحمد – مدير مدرسة قال : الطفل في سن السابعة يكون قد كون جزءا من شخصيته وبدأ ينفتح على الحياة ، كما أنه في هذه السن يستوعب كل الأمور التي تدور حوله بمعنى أنه يفعل كل حواسه ليكتشف محيطه دون عراقيل فدماغه كالإسفنج يمتص كل ما يتلقاه من الآخرين ونحن في عصر لا يمكن الاستهانة بما يراه الطفل على شاشة التلفزيون أو على صفحات الانترنت فقد صار كل شيء متاحا له لاكتشافه دون عراقيل وهذا ما جعل التأثر بالمشاهير والأشخاص الناجحين في سن مبكرة جدا أمرا عاديا.
سميرة الحسن -مديرة روضة أطفال قالت : ما نعلمه نحن ولا يعلمه الطفل أن النجم هو شخص عادي غير أن الصورة تركز على مظهره من حيث الأزياء والمكياج لأنها أمور ضرورية للناحية التسويقية للنجم أو النجمة وبالتالي تبدو نموذجا مثاليا يحتذي به الطفل ، ولعبة التسويق ترتكز على الإبهار والخيال لأن أصحابها يدركون ماذا يجذب المشاهد الراشد فكيف الطفل الصغير الذي لا يستطيع التمييز بين العالم الخيالي الذي يتصوره والواقع الذي يعيش فيه ، فهو يصدق كل ما يراه على الشاشة لأنه يشبع خياله ويحقق رغباته .
محمود – خريج تربية قال : يرغب الأطفال دائما بالنجاح في أي مكان سواء في المدرسة أو في علاقاتهم مع المحيط الذي يعيشون فيه وذلك كي يحافظوا على محبة الأهل وفي الوقت نفسه يبحث الطفل في هذه السن عن نموذج يحتذي به أو يتماهى معه فإذا لم يكن الأهل على الصورة التي يرغب فيها من حيث المظهر أو لعبة الإبهار فان النجم أو النجمة سيصبحان هذا النموذج إذ أن الأهل لا يمكن أن يكونوا دائما بأبهى مظهرهم كالنجوم .
الفتاة .. ونجمتها المفضلة
ليس بالضرورة أن تتأثر الفتاة بالنجوم أكثر من الصبي ولكن الذي يحدث أن تأثرها يكون أكثر وضوحا بمعنى أن الأزياء والإكسسوارات البراقة التي ترتديها تظهر تماهيها بشكل واضح ، ومن المعلوم أن الفتاة تقلد والدتها في كل شيء وهذه طريقة سليمة في تحضيرها نفسيا لعالم الأنوثة …
هذا ما أكدته معظم الأمهات ولكن بعضهن أكدن أن هذا الأمر يجب ألا يزيد عن حده فمن الضروري أن نفهم الطفل وخاصة الفتاة أن لها شخصيتها المميزة فالفتاة التي تريد شراء الثياب التي ترتديها نجمتها على الأم تنبيهها بأن لها شخصيتها وذوقها الخاص ولا يجوز أن تكون تابعة لأحد …
إن من ايجابيات هذا التقليد أنه يفتح حوارا مع الطفل حول ضرورة أن تكون له شخصيته المميزة ومعرفة ماذا يريد بالفعل وإن كان بسن صغيرة فالطفل يستوعب لذا لا يجوز الاستهانة بذكائه .

منار الناعمة

المزيد...
آخر الأخبار