الترجمة غوص في أعماق اللغات وذخيرة المترجم

قضايا في الترجمة إلى العربية محاضرة في فرع اتحاد الكتاب العرب قدمها المترجم فخري اللقيس والدكتور غياث الموصلي إذ أسهب المحاضر فخري اللقيس في شرح أهمية إتقان المترجم لاستخدام أدواته مثل أي حرفة أخرى وبالتالي عليه ان يتقن اللغات التي يستخدمها في ترجمته وأن يسبر أعماقها ويتفقه في جزئياتها كالنحو والبلاغة وغيرها وأن يملأ جعبته بكم وافر من المفردات قديمها و حديثها, والعامي منها والفصيح منها فهي أحد مصادر قوته في التغلب على صعوبة نقل الأفكار بشكل سليم .

الغوص في أعماق اللغات
ويضيف اللقيس : يخطئ من يعتقد أن الترجمة مجرد نقل لمعاني كلمات وعبارات نستطيع أن نجد معانيها في المعاجم , فالأمر ليس بهذه البساطة حتى يحقق المترجم مهمته بنجاح لابد له من أن يغوص في أعماق اللغات التي يستخدمها في الترجمة حتى يلّم بكثير من الجوانب اللغوية من نحو وألفاظ ومعان وملاحظة تبدل مدلول كثير من الكلمات , فكل جزئيات اللغة مهما صغرت قديمها وحديثها , فصيحها والعامي منها هامة في صياغة أسلوب الترجمة , وهي ذخيرة المترجم في مواجهة صعوبة نقل الأفكار والمعاني بشكل سليم وصحيح , وخاصة أن لدينا مستويات وصنوفاً من مواضيع الترجمة ,تتطلب كل منها مفردات خاصة وأسلوباً مختلفا لابد وأن ينسجم مع النص المترجم منه لتحقيق الدقة والأمانة في الترجمة وحتى تكون مفهومة للقارئ المختص أو القارئ العادي , والذي يتطلب لغة بسيطة وسلسة مفهومة لعموم القراء .

مفردات تبدلت مدلولاتها
يبين المحاضر ان هناك كلمات كثيرة نستخدمها في لغتنا العامية ولا نعلم مصدرها وهي تنبع من جذر لغوي فصيح مثل كلمة قوَّس من القوس الذي يشكل مع السهام سلاحا حربيا قديما ولكن اليوم تستخدم هذه اللفظة للدلالة على فعل القتل بسلاح ناري ,وهناك كلمة بعلية فهي تدل على الأراضي التي تروى بماء المطر,وقليلون من يعلموا أن الإله بعل _وهي اللفظة التي اشتقت منها كلمة بعلية _ هو إله فينيقي يراد به الشمس ,كما أُطلق على عدة آلهة سامية,وبقيت هذه الكلمة متداولة حتى يومنا هذا,ولا يخطر في بال أحد منا أن يخلط بين مفهوم المطر الهاطل ببركة الله وبين جذر الكلمة الأصلي.
كما بين أن لكلمة (زمك) بالعامية التي تستخدم للسخرية لها جذر من اللغة الفرنسية من الفعل se mquer بمعنى هزءى ,
اما كلمة( رَ )هي فعل الأمر من الفعل الماضي رأى و ( قِ ) هي فعل الامر من وقى و (عِ) من وعى و (فِ) من وفى .
ويبين المحاضر أن ما ينطبق على اللغة العربية ينطبق أيضا على اللغات الاخرى فكلمة (o k) هي الاحرف الاولى من اسم رئيس امريكي كان يوقع بهما قراراته .أما كلمة بنانا الانكليزية وتعني الموز فهي مأخوذة من أصل صومالي وهي تعني البنان أي أصابع الموز علما ان اللغة الصومالية أخذت الكثير من مفرداتها من أصل عربي وأنهى المحاضر حديثه بقراءة مقالة مترجمة كتطبيق عملي لما جاء في متن المحاضرة من شروح.
الشق الثاني من المحاضرة كان مع الدكتور غياث الموصلي حيث قرأ مجموعة من القصص المترجمة عن اللغة التشيكية وذلك في حديثه عن الروائي التشيكي كارل تشابل 1890-1938واصفاً نتاجه بالثقافة الأدبية الرفيعة التي تربعت على عرش الأدب التشيكي مع غيره من أمثال بوجينا نيمتسوف و ياروسلاف هاشل صاحب روايات الجندي الطيب .. – في نهاية القرن العشرين ولا سيما في أعماله المسرحية وروايته وهي قصص قصيرة مختارة من مجموعة أدبية تحمل عنوان حكايات …من الأول والثاني , وترصد مواضيع شيقة بأسلوب رمزي بسيط وبوليسي في بعض الأحيان والتي يروي غالبيتها حانات الجهة القديمة من براغ وقد قرأ الدكتور موصلي بعض الترجمات التي أغنت الافكار النظرية فتحدث عن سارق الصبار وقصة اخرى عن الزنزانة التي تؤدي إلى توبة كل نزلائها بعد أن نزل بها أحد الرجال التائبين. بأسلوب شيق رصين استطاع ان يجذب انتباه الجمهور رغم طول القصة .
ميمونة العلي

المزيد...
آخر الأخبار