لا يختلف اثنان على أن القيم والأخلاق هي أمور مفصلية لا يمكن المساومة عليها في أي عصر من العصور فالخط المستقيم واحد , بينما الخطوط المعوجة كثيرة ومتعددة لذلك نحن لسنا بصدد التنازل عن كل ما نفعله لنكون أفراد صالحين ونافعين بعيدين عن التسيب والانحلال الأخلاقي… ولكن ما يبرز أمامنا اليوم السؤال الهام وهو كيفية التأقلم مع اختلاف العصور وطبيعة الحياة الحديثة التي جلبت معها التغيير في الأداء وفي اللغة – لغة العصر .
هذا السؤال هو أحد التحديات التي يعيشها الأبناء هذه الأيام, وما بين إرضاء سلطة الأب ومجاراة الأصدقاء والعصر من حولهم يحتاج الوضع إلى نوع من التسوية .
نسمع الكثير من الأبناء يشتكون من ردة فعل آبائهم تجاه شكلهم الخارجي وحتى أفكارهم والنشاطات التي يقومون بها, فيشتكون من تدخل الأب في برنامج حياتهم , أو الاعتراض على سماع بعض الأغاني العصرية الحديثة, وباعتقاد الأهل إنها نوع من التسيب الذي يشوه صورة الولد بعيون والده ويحول البيت إلى حلبة للصراع بين الأجيال .
ولا ينفع هنا سوى تقديم النصيحة وهي أن نحافظ على التوازن بين ما هو ضروري لتربيتهم وبين ما يرغبون به حقاً دون أن نسبب لهم القهر وهذا يحتاج إلى بعض التنازل عن أشياء نتمسك بها لا تزيد أو تنقص في شيء , وعدم إرغامهم على أن يعيشوا عادات قديمة لم يعاصروها ولا يعلمون عنها شيئاً , وخصوصاً ما يتعلق بالعادات الاجتماعية القديمة التي لم تعد ذات حاجة في زماننا الحاضر .
إن مصادقة الجيل الجديد وكسب وده هو أسلم الطرق للوصول إلى قلبه وتحقيق التأثير الايجابي عليه دون ضغط أو إجبار فالتحدي لا يؤدي إلى نتيجة , بل المحبة والتفهم يجدان طريقهما إلى قلب الابن ويعطيان نتائج سريعة.
ولابد من النظر إلى الأمور من زاوية أخرى ربما تجد فيها الراحة لقبول بعض المتغيرات الحديثة .
منار الناعمة