( نيسان ) هو عنوان الرواية الثانية للروائية (اوجيني رزق ) الصادرة قبل أسابيع بعد رواياتها الأولى التي صدرت العام الماضي وحملت عنوان ( شوارع الياسمين ) في ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين صفحة تأخذنا الروائية أوجيني رزق إلى عوالم وفضاءات كثيرة من دمشق إلى العقبة إلى ألمانيا إلى أمريكا ,إلى الصين ..!! وذلك من خلال تنقلات بطلة القصة ( جوليا ).
هي من أسرة دمشقية ثرية على مايبدو , وزياد , الذي تزوجته ويعمل مهندساً بحرياً على سفينة تجارية و من أسرة متوسطة , يلتقيان في ( العقبة ) الأردنية أثناء مرور السفينة وبقائها لأيام فيها وهي تصطاف مع أهلها , يتعارفان ويتزوجان بسرعة .
البحار المهندس زياد , لا يأتي إلى المنزل إلا كل ستة أشهر , ولأيام قليلة جوليا موظفة , ينجبان طفلين هما ( سام ) و ( لين ) .
غير أن الفراغ الذي تشعر به يبدو قاتلاً بسبب غياب الزوج وهنا تطرح الرواية سؤالاً هاماً هو ( كم تصبر الزوجة المحبة على غياب زوجها ؟! وهي تحترق شوقاً وهو قلما يكلمها من موانئ بعيدة فإلى متى تبقى المسافات حائلاً بيننا وبين من نحب ؟ ثمة شعور بالفقد والخوف والاحتراق العاطفي .
فالنساء ( رغم عيوب أزواحهن لا يستطعن الانفصال عنهم لأنهم مصدر الأمان الحقيقي لهن وإذا حانت الفرصة الحقيقية للانفصال فلا يجرؤن على اتخذا القرار ص 112 ) .
فالحب عن بعد قد لايستمر طويلاً , هو أقرب للرومانسية الحالمة مثل الحب الذي جمع بين جبران خليل جبران , ومي زيادة فهذا الحب ملجأ للبوح والاحترام والاحتراق والحنان بعيداً عن الجانب المادي الذي لايكتمل الحب بدونه .
وتشير الكاتبة إلى أن الوطن يسكننا ولو ابتعدنا عنه , ثمة مقولة قديمة ( السوري يموت بعيداً وهو يحلم بسورية ) والسوريون الذين تتحدث الرواية عنهم صنفان : صنف مقاتل يعشق التراب السوري ويدافع عنه وهو خالد الذي تعشقه ( جوليا ) عبر الفيس بوك مع أنه يصغرها بسنوات عديدة وخالد المحامي الذي يعمل في دمشق ثم يهاجر إلى السويد , عبر الحدود البرية فيسجن مرات عديدة ويجوع ويبرد ثم يعود إلى دمشق ثم إلى فرنسا لإكمال الدراسة هو وطني بامتياز ..
جوليا البطلة والأحداث تدور حولها امرأة استثنائية ذكية ومثقفة وطموحة , تدفع ثمن إخلاصها للزوج الذي قلما تراه سوى أيام معدودات في السنة , تصبر وتصبر إلى أن يلتحق ولداها بالجامعة في ( لوس انجلوس ) عند جدتهما وأخوالهما .. وفجأة في آخر يوم للزوج في البيت قبل أن يعود للبحر تطلب الطلاق ..!! مثل هذا الإدهاش تزخر به الرواية .
لأهداف صهيونية أمريكية أرادوا تدمير سورية…و باسم الشرف والوطنية والتضحية وعشق الوطن انتصر السوريون هذا مايراه ( خالد ) !!
ولعل سؤالاً هاماً تطرحه الرواية هو لماذا تفشل زيجات النساء المبدعات على الأغلب ، والأمثلة كثيرة وفي الرواية / جوليا / ؟! هل السبب غيرة الرجل وعدم فهمه لمشروعية طموح المرأة وحقها في الشهرة والتفوق ، بينما يرى نفسه دونها ؟!!.
في نيسان حيث الربيع تتعرف جوليا على زياد .
وفي نيسان بعد سنين عديدة تنجو من مرض كورونا وهي
تعمل في الصين مدرسة للغة العربية ..!!.
تعود إلى دمشق من أحضان الموت …!!.
تعدد شخصيات الرواية ، وطرح أفكار جريئة عن الحب والزواج والعمل والتفوق وبناء الوطن ودور المرأة فيها ،.. أسئلة تطرحها الرواية بأسلوب شفاف وسرد جميل جذّاب وممتع يجعلنا نقرأ الرواية بشغف ..!!
عيسى إسماعيل