ديوان الشاعر المهجري موسى الحداد

  يستمر الدكتور حسان أحمد قمحية بإصدار دواوين ودراسات عن شعراء المهجر ،ولعل عددها قد جاوز العشرين كتاباً ،معتمداً على استدراك ما لم ينشر من شعرهم ،وشرحه والاعتناء به …واليوم يتحفنا الدكتور قمحية بكتابه الجديد /ديوان الشاعر المهجري موسى الحداد /.

ولعلنا نتوقف عند المقدمة التي تزين الكتاب بقلم مطران حمص وتوابعها للروم للأرثوذكس والتي جاء فيها –إن أصدق ما يقال فيه –موسى الحداد –أن شعره نابع من وجدان وضمير حي ،وعاطفة جياشة نبيلة, وأكثر ما يشدك في شعره هو فخره واعتزازه بنفسه ،وليس من باب التكلف أو التصنع ،لكن مما اكتسبه من حكمة الحياة وعمق البصيرة /.

الدكتور قمحية في مقدمته أوضح أنّ موسى الحداد ولد لأسرة حمصية,وكان والده شديد الفقر والفاقة ,وتلقى تعليمه في المدارس الأرثوذكسية وكان مثال التلميذ النبيه والمحبوب …وفي عام 1915 انتقل للدراسة في الكلية الإنجيلية ،لكن نشوب الحرب العالمية الأولى حال دون ذلك ،فلزم البيت والمطالعة .

بدأ موسى ينظم شعر الزجل ثم اتجه لتنظيم الشعر الفصيح ،وغادر حمص عام 1920 إلى سان باولو البرازيل وهناك تزوج من–رفيقة مرشد –عام 1925.

عام 1970 قضى بقية حياته على الشاطئ الأطلسي متأملاً ومتفكراً .

موضوعاته الشعرية متنوعة ،الحنين والغزل والرثاء والوصف والمديح غير المسّف .يقول في الحنين من قصيدته حطام :

/مرت ثلاثون عاماً

أفنيت فيها شبابي

مابين كأس وعود

ولهوة وتصابٍ

واليوم أجلس وحدي

أقتات بالذكريات

مقلباً في حطام

قد كان بعض حياتي /

ويفخر بكونه شاعراً ،فالشاعر كالنحلة يجني الكلام والمعاني الجميلة ويقدمها للناس :

/هل يلام الشاعر الفنان إن دق وذاب

حيث يلقى كل يوم ألف لومٍ وعتاب

فهو كالنحلة في الروض لها يخلو الملاب

تتهادى فوق شتى الزهر تمتص الرضاب

ولعل اللافت في شعر موسى الحداد أنه يفخر بكونه سورياً وعربياً ،وهو يرى في العروبة منبته الطيب والعروبة هي وأمه وأبوه …

وهذا التعلق بالعروبة والعرب كأمه ،ربما لم يسبقه إليه سوى قلة من شعراء المهجر من بينهم الشاعر القروي رشيد سليم الخوري .

يقول موسى الحداد من قصيدته /أنا سوري /:

/أنا سوري وفي

 جنبي قلب عربي

ليس يحيا لسوى

العرب ومجد العرب 

رغم أنف العسر واليسر

ورغم النوب

وفي قصيدته /شعشعي الراح /،حيث هو والشعر والقوافي ،التي لها حضور روحي عنده ،سيما بعدما عاش متفكراً على شاطئ الأطلسي يقول :

/شعشعي الراح يا عذارى المعاني

واسكبيها بأكؤسٍ من بيان

إن للشعر نشوة أين منها

نشوة الروح عند بنت الدنان

أسمع الناس من حزني القوافي

غير ما عوّد الزمان لساني /

توفي الشاعر موسى الحداد 1970 ودفن في سان باولو …ويلاحظ أن المراجع قلما ذكرت شيئاً عنه ,ولولا كتاب الدكتور قمحية لبقي شبه مجهول .

      عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار