شاق وشائق الحوار مع ناقد أكاديمي لطالما أعمل أدواته النقدية في تجارب أدبية عديدة …يوقد جذوة إبداعه إصراره على تظهير الجميل وإعلاء شأنه ليُعرَفَ القبحُ بضدِّه , يجابه نتاجه النقدي التجارب الشعرية الحية فهو لا يستكين للسائد من النقد يقارع بضراوة كل جديد ليصل لأحكامه النقدية الخاصة به في تجارب بكر لم تطأها أدوات ناقد.. إننا أمام الدكتور محمد نزار عبشي صاحب عشرة مؤلفات نقدية تطبيقية – سنذكرها في السيرة الذاتية أدناه- عميد كلية الآداب في جامعة البعث حالياً ,زرناه في مكتبه وأجرينا الحوار التالي:
* عمادة كلية الآداب منصب إداري يحمل الكثير من الإبداع لو توفرت الإرادة والموهبة – وأنت تمتلك منهما الكثير- …ما هي رؤيتك الإبداعية لإدارة الكلية ..هل تخططون لاستضافة شخصيات أدبية لها ثقلها أو لإقامة مهرجانات ثقافية؟
– لدي رؤى كثيرة في هذا الجانب ,نعم سنسعى لاستضافة ثلة من الشخصيات العلمية المقتدرة التي لها ثقلها العلمي البارز…إيمانا منا بأن هذه الشخصيات ستضفي عبق الحضور الوارف والظل الظليل ولاسيما تلك الشخصيات التي تتميز بشاعرية محلقة,تلك الشخصيات التي عودتنا على تحسس الكوامن الجمالية المؤثرة من خلال الرؤى الأدبية والنقدية التي تنضح بدفقات إبداعية.
*معظم دراساتك النقدية تطبيقية وهذا ما نفتقره حقا في سوق الثقافة إن جاز التعبير …ما رأيك ؟
_ حقيقة …وبعد خبرة تدريسية تزيد على عشرين عاما…اكتشفت أن طلبتنا وأغلب القراء يحفظون كثيرا من المصطلحات النقدية بيد أنهم يتعثرون في أثناء التحليل…لعدم وفرة ذلك من هنا أجدني نحوت هذا المنحى بغية إمتاع القراء وإضاءة الجوانب التي شعرت أنها مظلمة أحيانا وحاولت أن أدخل إلى عمق النصوص الشعرية مستخدما مصطلحات نقدية جديد..كالتناص والانزياح والتداولية والبنيوية والمفارقة إضافة إلى الوقوف على الصور البلاغية في مستوياتها البنائية المتنوعة ( الصوتية ، المصرفية ، النحوية، والتخييلية) وتوسعت في دراسة المدارات النقدية و الاستنطاق النصي للصور عند الشعراء والرواة من خلال التحليل الإبداعي وفقا لتعالقات النصوص المشحونة بالإيحاء.
- منجزك النقدي يوازي بجدته ونداوته التجربة المنقودة ..كيف تختار أدواتك ,هل تضع الخطط قبل إيقاد جذوة البدء..؟
– أحاول دوما أن أستثمر في عملية التحليل أو استنطاق فضاءات النصوص المتحققة ,أستثمر المعطيات التي تعود إلى السياق الخاص وعناصره ، أقصد سياق اللغة العربية من نحو وإيقاع صوتي وإيقاع تخييلي سيميائي…وكنت دوما أحاول أن أتعمق في الخارج النصي الذي ينتمي إلى الثقافة الواسعة للمبدعين.
- تناولت ديوان “الممكن والمستحيل “للشاعر الدكتور رضا رجب – رحمه الله – ولا يوجد أي دراسة نقدية أضاءت تجربته رغم نشره لسبعة وعشرين ديواناً شعرياً وثلاثة عشر عملاً نثرياً..شكرا لك في البداية على هذه الجرأة التي تؤكد أن( النقد بخير) .برأيك لمَ لمْ تأخذ تجربة الدكتور رضا رجب حصتها من النقد ؟!
- رضا رجب شاعر مبدع ونحوي بارع… ،كان متميزا و كنت أشعر أن بعض النقاد كانوا يتهيبون الخوض في بحاره العميقة…بحر رضا رجب يكاد يكون متكاملا من حيث الصور والبلاغة واللغة والإيقاع…كيف لا؟! وهو شاعر متقد…وأستاذ النحو في جامعة حماة…فكما البحر متنوع اللٱلئ والصيد الثمين يحتاج غواصا متمرسا حتى يخوض في أعماقه للحصول على كنوزه …فهكذا هي أعمال رضا رجب الأدبية تحتاج ناقدا عارفا بكل الأدوات النقدية…من مفهومات ومصطلحات وبلاغة ونحو وصرف وعروض…إلخ,حتى يستطيع تشريح أعماله ونقدها,ومعرفة مكامن القوة فيها…وحقيقة أرغب أن تكون دراستي النقدية بكرا على أعمال لم تدرس من قبل..حتى لا تكون تقليدية مكرورة من جهة…ولأكشف إبداعات أدبية غنية ثرة مخبوءة لأسباب عصية عن الفهم من جهة ثانية.
الجدير بالذكر أن الدكتور نزار عبشي يشغل حاليا عميد كلية الآداب في جامعة البعث وشغل لسنوات عديدة عميداً للمعهد العالي للغات ,وعضو اللجنة العلمية لتحكيم الأبحاث في المؤتمر الدولي” 12″ المجلس العالمي للغة العربية بيروت ,وعضو هيئة تحرير مجلة الأدب المقارن في جامعة كرمان الإيرانية وصدر له مؤلفات نقدية ولغوية كثيرة منها : التناص في شعر سليمان العيسى ,الاتجاهات النقدية الحديثة, وكتاب طرائق تدريس اللغة العربية , كتاب نقدي في ديوان “الممكن والمستحيل” للدكتور رضا رجب ,وغيرها العشرات من الأبحاث والمحاضرات .
حوار :ميمونة العلي