إنّ الثقافة السائدة في أيّ مجتمع هي نتاج مرحلة أو مراحل تاريخيّة ذات علاقات وقوى إنتاجية محددة، وكلّ ثقافة إبداعية هي بالضرورة ثقافة مشاركة في عملية التطوير وإن عجلة التاريخ لا تسير إلى الوراء مهما كان الماضي عظيماً، فقد شكّل مرحلة تاريخية تمّ إنجازها على أيدي قوى اجتماعيّة استنفدت حضورها الاجتماعي على مسرح الأحداث وتحوّلت في كثير من سماتها عبئاً على طريق بناء المستقبل الّذي لا يمكن أن يبنى بعناصر الماضي الاجتماعيّة؛ لأنها نتاج مرحلة أكملت دورتها التاريخية ولا بدّ من تجاوزها؛ .
إنّ مهمة الأديب المبدع تكمن في انخراطه العمليّ في دائرة النشاط الاجتماعي ضد معيقات التطوّر وإنّها مهمّة شديدة التعقيد، لهذا فإنّ الإبداع الوصفي أو البصري غير كافٍ في المرحلة الراهنة ويجب على الأديب المبدع أن يقرن القول بالفعل وتكون حياته الشخصية برنامجاً بعمله الّذي يقدمه للناس وبلا هوادة.
إنّ دور الأديب اللاحق في معركة التحرير والانتصار على الإرهاب في / تخليدها / من مسرحيات وأعمال قصصيّة وروائية وشعريّة ودراميّة وغيرها من أفلام وأغنيّات وطنيّة ملتزمة.
إنّ المهمة الأساسيّة للإبداع الأدبي تكمن في التصدي وبصلابة لكافة أشكال الغزو الثقافي منها والإعلامي وغيره ومحاربتها ومجابهته بكافة الوسائل المتاحة والتأسيس له، عندها فقط تتحوّل الكتابة الإبداعية إلى وثائق تاريخيّة بالغة الدلالة عن التحوّلات الاجتماعية الّتي يصنعها المجتمع والشعب السوريّ والّتي خطّها بدماء شهدائه ومناضليه وقواته في الجيش العربي السّوريّ ضد القوى الإرهابيّة التكفيريّة الظلاميّة وكلّ القوى الداعمة له أمريكو- صهيو رجعيّة أُخوانيّة ومن قوى فساد وإفساد تعششت في المستنقع الآسن للمجتمع السّوريِّ.
إنّ تكامُل بعض جوانب الصور الإبداعيّة للفكر التاريخي تنفي الفوارق بين الإبداع الأدبي والتوثيق التاريخي؛ لأنّ الإبداع ليس مصدراً للدراسات التاريخيّة فحسب بل تكثيف لها بطابعها العلميّ التاريّخي الأكثر دقةً فالفهم العلميّ للتحوّلات الاجتماعيّة يُساهم فعلاً في تقديم حلول عمليّة للمشكلات الناجمة عنها.
لكنه يبقى عاجزاً على التأثير المباشر والفعل الملموس ما لم يتجسّد في إطار حركة اجتماعيّة منظّمة .
المجلس الثقافي السوري الشعبي للمواطنة نموذجاً تأخذ طابعاً تحريضيّاً تفاعليّاً / إيجابياً / تدفع بالجماهير الشعبية إلى امتلاك معرفة دقيقة بدورها التاريخي وبقدرتِها على إقامة مجتمع إنساني يتساوى فيه جميع أفراده في الحقوق والواجبات وتعزيز مفهوم المواطنة.
فهل سنبقى في إطار الأدب الوصفي والاكتفاء بحمل آلة تصوير أم ننزل إلى المعترك كأدبٍ عاملٍ..؟. هذا الأدب الّذي يريد من الأديب المبدع أن يكون قائداً / ويتكاتف مع غيره لتسيير الناس في طرق عيشهم وينتهي إلى النتيجة الآتيّة:» لسنا بصدد التفصيل بين الأدب الواصف والأدب العامل» .
لكنني أبادر بالجزم بأنّ الأدب العامل يحمل إلى الإنسانيّة فوائده مباشرة لا يحملها الأدب الواصف الّذي / كان همّ أُدباء هذا النوع وصف الحياة ويجب عليهم اليوم أن يعملوا الحياة/.
إنّ الواقع التاريخي في تبدل مستمرٍ وتُفنى في داخله السلوكيات الاجتماعيّة القديمة ليحلّ محلها الجديد. تلك هي حركة الواقع والمدلول الحقيقي للتطوّر التاريخي فالموت في الإبداع الأدبي جزء من عملية التغيّر نفسها وهو دلالة اجتماعيّة على أنّه الموت لبعض المفاهيم الاجتماعيّة القديمة، فقلّة هم الأدباء المبدعون فقط الّذين يتجاوزون حدود مجتمعاتهم والوقائع التاريخيّة المحليّة الخاصة بتلك المجتمعات إلى رحاب الفكر البشري الشامل .أيّ المجتمع الإنسانيّ المنفتح على مشكلات الناس كلّ الناس ومهمتهم ومهمة الإبداع الأدبي هي في تسريع ديناميّة التحوّلاتِ الاجتماعيّة ودفعها في مسار الحضارة الإنسانيّة الشموليّة، فانخراط الأديب في النضال من أجل التغيير يجعل من كتاباته الإبداعية سجلّاً حافلاً للتحوّلات الاجتماعيّة وبقدر ما تكبر مهمات التغيير تزداد آفاق الإبداع ويصبح نضال الأديب، وكتاباته جزءاً لا ينفصل عن صناعة التاريخ الاجتماعيّ؛ فالأديب المبدع في هذا المجال لا يكتب التاريخ فحسب بل يُشارك أيضاً في صُنعه إلى جانب القوى الشعبيّة ذات المصلحة في التغيير فالساحة العربيّة والسوريّة خصوصاً تشهد نضالاًوحرباً قذرة ومواجهة فكريّة وإعلاميّة ضد القوى الإرهابيّة.
سائر قاسم