الفلاح والمستهلك الحلقة الأضعف.. والتاجر الرابح الأكبر .. أسعار الخضار والفواكه فاقت التوقعات !

كيفما التفتنا وأينما اتجهنا تصادفنا وجوه مسستغربة وعيون حائرة لما وصلنا إليه من ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه التي لم يسبق لها مثيل !
نحن لا نتكلم عن اللحوم (الحمراء والبيضاء) التي بات شراؤها صعبا بعد أن حلقت عالياً ولا يستطيع تناولها إلا قلة قليلة !بل نتكلم عن الخضراوات التي كان المواطن صاحب الدخل المحدود يعتمد عليها اعتماداً كلياً في غذائه, ولكن بعد أن وصل كيلو البندورة إلى 500 ليرة وكيلو البطاطا لامس الـ 475 ليرة والبصل اليابس يباع بسعر 450 ل.س وكيلو البصل الأخضر يباع بـ 850 ليرة فقط لاغير , أما كيلو الفول الأخضر فقد وصل إلى 500 ليرة والباذنجان 650 ل.س والكوسا تتراوح ما بين 450- 500 ليرة ,والقرنبيط 275-300 ليرة, وإذا ما تطرقنا إلى الفواكه فنجدها مثل بقية الخضراوات محلقة ,حيث لامس كيلو البرتقال 300 ليرة والتفاح يتراوح ما بين 250 -450 ليرة حسب نوعه ,أما الموز البلدي فيباع بـ 650-700 ليرة.
ففي ظل هذه الأسعار الكاوية اختلفت المقاييس كلها, ولم يعد باستطاعة أية أسرة الاعتماد على الخضراوات في طعامها فأية (طبخة) مهما كانت بسيطة و(شعبية) باتت مكلفةولا تتناسب مع الراتب الذي يتبخر في الأيام الاولى من الشهر.
وإذا كنا قد عرجنا على أسعار بعض الخضار فلأنها أكثر ما يهم المواطن المغلوب على أمره ليسد به رمق أسرته ,(مع التأكيد أن الفواكه باتت من المنسيات عند الكثيرين) , ولن نتطرق إلى بقية المواد والاحتياجات والتي تكون أية أسرة بحاجة ماسة إليها ومع ذلك تغض الطرف عنها لأنه ليس بالإمكان تأمينها إلا في حالات الضرورة القصوى.
ويتساءل كثير من المواطنين الذين التقينا بهم في جولتنا على الأسواق وتحدث عن لسانهم سهيل مرعي قائلاً: ما سبب هذا الارتفاع اللامعقول للخضار علماً أنها من خيرات بلادنا وأن الأراضي الزراعية تغدق علينا بمواسم وفيرة؟ والأهم من هذا وذاك أن الفلاح الذي يتعب ويكد عاماً كاملاً لا يجني من حصيلة تعبه إلا ما يسد به الرمق, ولا يغطي نفقات العملية الزراعية ويبيع بأرخص الأثمان للسماسرة والتجار الذين يلعبون دوراً بارزاً في رفع الأسعار والتلاعب و التحكم بها بحيث تصل للمواطن وكأنها من (كوكب آخر)…فرغم تفاوت الأسعار من سوق إلى آخر ومن حي إلى آخر وكذلك من بائع لآخر إلا أن الصفة العامة هي التحليق المستمر وما من رقيب يضبطها.
مروة- أم عمار- قالت: أسرتي مكونة من خمسة أشخاص (ثلاثة أولاد وأنا و زوجي) وباتت وجبة الغذاء المؤلفة من الخضار فقط تكلف 2000 ليرة فهل هذا معقول؟ ومهما حاولت ربة المنزل الاقتصاد والتقتير والتوفير لا تستطيع إلا أن تدفع تلك الحسبة.
مريم غنوم -أم مازن- استهجنت قائلة: هل يعقل أن وجبة (المقالي) المعروفة والمحببة لدى جميع السوريين باتت من المحرمات (إن صح التعبير) فجميع مكوناتها باتت أسعارها في (العلالي)..
أبو منصور الصارم قال متخوفاً: كل الخوف أن تصبح الخضار (مثل اللحوم) من الكماليات !ففي هذه الحال كيف سيسد المواطن رمقه ورمق عائلته وماذا سيطعمهم…والمبكي أن سورية أرض الخيرات واعتدنا على وفرة المواد وتنوعها, ولماذا كل هذا الغلاء الذي تجاوز كل الحدود… فلم تمر علينا أياماً أقسى من هذه التي نمر بها ,ولم نكن نتوقع أن تأتي أوقاتاً نشتري فيها البندورة بالحبة وكذلك البصل …الخ
ولدى سؤالنا المهندس بسام مشعل رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية عن سبب هذا الارتفاع وعن دور المديرية في ضبط الأسعار والحد من جشع التجار أجاب : هناك عوامل كثيرة تلعب دوراً في ارتفاع الأسعار ويأتي في مقدمتها شح مادة المازوت حيث ينص القانون على أن تزود السيارة الشاحنة التي تنقل الخضار من الأراضي الزراعية إلى سوق الهال بـ 75 لتر مازوت أسبوعياً ,ومن الواضح أن هذه الكمية غير كافية مما يضطر صاحب الشاحنة للتزود بالمادة من السوق السوداء بأسعار مضاعفة , وهذا ينعكس بالتأكيد على سعر الخضراوات إضافة إلى العرض والطلب , وكذلك الأحوال الجوية التي تلعب دورا هاماً في ارتفاع الأسعار في أيام الصقيع والجليد وهطول الأمطار المترافقة مع البَرَد.
وأكد أنه لا يخلو الأمر من ضعاف النفوس الذين لا يقبلون بهامش الربح القليل وبالسعر المحدد في نشرة الأسعار الأسبوعية لذلك فإن دوريات حماية المستهلك تتشدد في الرقابة على الأسواق كافة بما فيهم سوق الهال وتركز على تدقيق الفواتير والالتزام بالسعر المحدد في نشرة الأسعار ,وتقوم بتنظيم الضبوط التموينية اللازمة بحق المخالفين وإغلاق المحال ,و بلغ عدد الضبوط المنظمة منذ بداية العام حتى تاريخه 102 ضبطاً تموينياً تنوعت ما بين عدم الإعلان عن الأسعار وعدم إصدار فواتير بالنسبة لمحال بيع الجملة وعدم إبراز فواتير بالنسبة للبيع بالمفرق.
مشيراً إلى أن حصة حمص من مادة المازوت في حدودها الدنيا وأن 30% من هذه المخصصات توزع على الزراعة وباقي الفعاليات فالأولوية هي للأفران والنقل.
فيما عزا يحيى السقا رئيس اتحاد الفلاحين بحمص أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الخضار هو الحصار الاقتصادي وعدم حصول المزارع على مادة المازوت سواء للأعمال الزراعية أو لنقل المحصول مما جعله يتكبد مبالغ طائلة في شراء المادة من السوق السوداء وبات الحلقة الأضعف رغم كل تعبه وكده مؤكداً أن الاتحاد لم يوفر مناسبة سواء اجتماع أو مؤتمر أو لقاء مع الجهات ذات العلاقة إلا و طالب بضرورة الوقوف إلى جانب الفلاح ومساندته .
وأيد نزار يونس رئيس رابطة المركز الغربي ما قاله السقا مشيراً إلى الغبن الذي يقع على الفلاح علماً أن مستلزمات العملية الزراعية متوفرة باستثناء مادة المازوت الهامة جداً,مع الإشارة إلى أن الرابح الأكبر هو التاجر.
وكان عضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمد تمام السباعي قد لفت في معرض رده على مداخلات أعضاء مجلس المحافظة (في دورته الثانية) الذين طالبوا بإنصاف الفلاح ودعمه وتزويده بمادة المازوت أن حصة حمص من المازوت في الشهر الأخير كانت متواضعة جداً وكانت الأولوية بتزويد الأفران ووسائل النقل العامة (كما أشرنا سابقاً) ولم تحظ العملية الزراعية إلا بكمية شحيحة من المادة.

العروبة- مها رجب

 

المزيد...
آخر الأخبار