أبدع الفنانون الغربيون في رسم الشرق , فكانت لوحاتهم نافذة فُتحت على عالم سحري غريب احتلت مكانة خاصة ميزتها الإبداع في رسم تفاصيل شرقية مهمة , تتجلى أهميتها بخلق منظر ينبض بالحياة و تجعل من الرائي يضيع في تفاصيل خطوطها ناسيا الواقع الذي حوله، محلقا في عالم آخر، عالم من الألوان و الأجواء الخيالية مترصدا الأزياء الشعبية والعمارة الإسلامية والتى كانت مركز عيون المجتمعات الأخرى ومدار كل الأنظار.
الفنان ديفيد روبرتس رسام اسكتلندي مولود في أكتوبر 1796، ومتوفى في 25 نوفمبر 1865م، اشُتهر بمجموعة لوحاته التوثيقية عن مصر وبلدان في الشرق الأدنى أنتجها خلال فترة أربعينيات القرن التاسع خلال رحلاته في المنطقة .
رسم روبرتس أبرز المناطق التاريخية في القاهرة والجيزة الفرعونية والإسلامية، متأثرا بالعمارة المصرية وفنونها على كافة أشكالها، سافر إلى مصر للحصول على تصميمات حوّلها إلى أعمال زيتية، وكانت مصر في بؤرة الأحداث في ذلك الوقت وقام بجولة طويلة في مصر و النوبة وسيناء.
ومن المستشرقين الغرب الذين عشقوا الشرق , الفنان البريطاني والتر تيندال الذي تأثر أيضا بسحر جمال القاهرة التاريخية فجسد حياة المصريين وعمارتهم في الفترة من 1900 وحتى عام1915، ببراعة تصويرية مستخدما الألوان.
و الجزيرة العربية جذبت كبار المستشرقين في أوروبا؛ فشدوا إليها الرحال؛ زاروها وكتبوا عنها الكثير من الكتب التي اشتهرت في المكتبات الغربية الكبرى، واعتُمدت كمراجع للباحثين.
مفرداتٌ كثيرةٌ شكلت عوامل جذبٍ لاستكشافها والكتابة عنها: الصحراء، الخيول العربية، البداوة، العادات الأصيلة مثل الكرم وإغاثة الملهوف، قصص العرب وأشعارهم وغير ذلك الكثير. ومنهم الرحالة العالِم والرسام الألماني أويتنج الذي ولد عام 1839م بمدينة شتوتجارت في ألمانيا الذي أنهى دراسته الجامعيـة في جامعة فورتمبورغ ثم واصل دراساته العليا في جامعات باريس ولندن، ثم أوكسفورد.
كان يحلم بزيارة الجزيرة العربية؛ وذلك لشغفه الكبير بدراسة النقوش والتاريخ والآثار العربية القديمة. و مما زاد حماسه للقيام بهذه الرحلة، هو رحلة زميله الرحالة الإنجليزي تشارلز داوتي إلى مدائن صالح. وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تواجه مَن يريد القيام برحلة للجزيرة العربية في ذلك الوقت، إضافة إلى الصعوبات المالية التي واجهها أويتنج، إلا أن إصـراره مكّـنه من القدوم إلى الجزيرة العربية خـلال الفترة من 1883-1884م).
مرّ أويتنج بتدمُر في طريقه إلى جزيرة العرب التي قدمها مبتدئاً بوادي السرحان وقرية كاف ثم الجوف، ومنهما عبر صحراء النفود إلى مدينة حائل التي مكث فيها نحو ثلاثة أشهر، كما دوّن أويتنـج في مذكراتـه الوصف الدقيق للأماكن، والأشخاص، والعادات والتقاليـد السـائـدة، والمباني، والآثـار، وموارد المياه، والطـرق، والـجبـال، والسـهـول، والصحاري، والفيافي، والوهاد، وكذلك الأوديـة التي مـرّ بها في رحلـتـه إلى الشمال الغربي من الجزيرة العربية، والتي زار فيها مدن: تيماء وتبوك ومدائن صالح والعلا والوجه، وترك رسومات عدة بريشته جسَّد فيها الحياة في البادية لتكون شاهدا على حياة مجتمع وحضارة بأكملها .
عبير منون
المزيد...