المحاربون القدماء في حمص : معركة ميسلون علامة فارقة في تاريخ سورية الحديث

أكثر من 102 عام مرت على معركة ميسلون التي قادها وزير الحربية آنذاك القائد البطل يوسف العظمة لكن مأثرة المعركة تزداد رسوخاً بين السوريين وهم يواجهون الحرب على الإرهاب منذ أكثر من 11 عاما  ويواجهون مخططات دولية وإقليمية ومجموعات إرهابية وتجعلهم أكثر تمسكاً ببلدهم ورموزهم الوطنية والتاريخية.

ما زالت ميسلون تشكل ملحمة بطولية يفوح منها عبق الدروس والعبر المتجسدة في أرقى وأنقى وأعظم معاني التضحية والفداء والتصدي دفاعاً عن الوطن حيث يتمسك السوريون بهذه المناسبة ويقدمون أروع صور الفداء والتضحية.

معركة ميسلون مأثرة خالدة حيث قاد البطل يوسف العظمة عدد قليل من الجنود والمتطوعين بأسلحة بسيطة للدفاع عن بلاده، بعد رفضه إنذار غورو، ليواجه جيشاً فرنسياً ضم نحو 9 آلاف جندي ومئات المدرعات والآليات الثقيلة.

ومأثرة الشهيد العظمة تزداد رسوخاً بين السوريين وهم يواجهون منذ أكثر من 11 سنوات حرباً لا تقل شراسة عن معركة ميسلون معركة تداخلت فيها خطط دولية وإقليمية لضرب سورية ، وإبعادها عن دورها المحوري في المنطقة، ومقاومة المشروع الإسرائيلي.

واليوم في هذه الذكرى العظيمة التقينا مع رئيس رابطة المحاربين القدماء” الضباط” العميد الركن المتقاعد منذر اليوسف ومع أحد أعضائها العميد المتقاعد رجب ديب للحديث عن هذه الذكرى ودلالاتها ..

قال اليوسف :  عندما اصدر غورو إنذاره بغزو سورية قام وزير الحربية السورية ” يوسف العظمة ” بتجميع عدد من المقاتلين المتطوعين للدفاع عن تراب سورية و منع الجيوش الفرنسية من دخولها و هذه الأعداد المتواضعة لم تكن أسلحتها توازي أسلحة الفرنسيين و مع ذلك فقد تصدت بقيادة البطل يوسف العظمة للقوات الفرنسية الكبيرة في ميسلون غرب دمشق محاولة تدمير هذه القوات الغازية أو منعها من الوصول إلى العاصمة دمشق و جرت بين الطرفين اشتباكات مباشرة و عنيفة أصيب خلالها القائد يوسف العظمة و تكبدت قواته خسائر كبيرة في الأرواح و تمكن الفرنسيون من دخول دمشق و قد خلد ذكرى هذه المعركة أمير الشعراء أحمد شوقي بقصيدة رائعة نذكر منها:

سأذكر ما حييت جدار قبر  بظاهر جلق ركب الرمالا

مشى و مشت فيالق من فرنسا    تجر مطارف الظفر اختيالا

أقام نهاره يلقي و يلقى    فلما زال قرص الشمس  زالا

و لئن انتهت هذه المعركة  بدخول الغازي الفرنسي دمشق فقد التهبت سورية بكاملها بالثورات العنيفة ضد هذا العدو من شمال سورية إلى جنوبها و من شرقها إلى غربها حتى تحقق لها الجلاء و الاستقلال الكامل من هذا الاستعمار البغيض

والآن فإن التاريخ يعيد نفسه بصيغ متعددة فالمؤامرات على هذا الوطن الحبيب لا تنتهي و تبقى مستمرة و كذلك التصدي لها يبقى مستمراً  بسبب صمود و إرادة هذا الشعب العظيم شعب سورية الأبي و الآن و بفضل  القيادة الشجاعة و الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد و جيش سورية الباسل و شعبها العظيم تتحطم كل هذه المؤامرات و الاعتداءات على صخرة صمود الوطن العظيم.

فإلى مزيد  من التصديات و الانتصارات على كافة المتآمرين و المؤامرات حتى يتحرر كامل تراب سورية الحبيبة من رجس المتآمرين أجمعين ..

العميد المتقاعد رجب ديب قال : في أوائل تموز  1920 توترت العلاقات بين الحكومة العربية في دمشق والمفوض السامي الفرنسي في الشرق الجنرال غورو توتراً شديداً وأخذت الأحداث  تتلاحق بسرعة منذ وصول الإنذار الفرنسي إلى حكومة  دمشق في 14 تموز، وقد تضمن هذا الإنذار بالإضافة إلى عدة طلبات أخرى  تسريح الجيش العربي وقبول الانتداب الفرنسي ورغم أن الحكومة العربية قبلت  الإنذار مبدئياً وأصدرت أمرا بتسريح الجيش في 17 تموز، وأرسلت أحد أعضائها إلى بلدة  عاليه “في لبنان” للتفاوض باسمها مع الجنرال غورو إلا أن هذا الأخير لم يكن يرضيه شيء أقل من احتلال دمشق.

كان البطل يوسف العظمة يدير المعركة في الخط الأمامي وعلى بعد مئتي متر من العدو ظهرت دبابات العدو من فم وادي القرن ففرقتها المدفعية العربية وحطمتها ..

يوم ميسلون في 24 تموز 1920   من حيث القيمة الرفيعة التي يمثلها والبطولة الرائدة التي يرسمها في أول مراحل التاريخ الحديث كالمشعل الهادي فإنه يوم إعلان المقاومة القومية ضد الاستعمار .

وإذا كانت معركة ميسلون قد انتهت إلى فتح طريق دمشق أمام الفرنسيين فإنها فتحت أيضا الطريق إلى النضال السياسي والكفاح المسلح اللذين لم ينتهيا حتى الآن ضد كل انتهاك وألوان  الغزو الاستعماري وأهم ما رسخه العظمة في تلك المعركة أنه كان أشبه بالمؤسس للجيش السوري ، بمعنى أن التصدي للعدو يجب أن يكون عبر الجيش وهذا ما استمر في سورية طيلة الـ 102  عام.

بقي أن نقول :

ستبقى  ميسلون تكرس بين الأجيال اللاحقة إيماناً بأن روح المقاومة وحدها القادرة على صد العدوان.

بشرى عنقة

 

 

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار