صدر عن اتحاد الكتاب العرب كتاب شيق بعنوان «عبد الكريم الناعم مبدعاً وإنساناً» من إعداد الدكتور نضال الصالح .ضم بين ضفتيه الكلمات التي ألقيت في حفل تكريم الأديب الناعم وشهادات زملائه به ودراسات نقدية متخصصة في نتاجه الشعري منها ما نُشر لأول مرة ومنها منشور سابقاً في الصحف والمجلات ,سنضيء في هذه المتابعة بعض ما ورد في الكتاب الذي تربو صفحاته على المئتين من القطع المتوسط.
وسيكون لنا وقفة أخرى معه :
محتويات الكتاب
ضم الكتاب الكلمات التي أُلقيت في حفل التكريم وهي على الترتيب كما نشرت في الكتاب :كلمة للدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية سابقاً,وُثانية للمكرم الشاعر عبد الكريم الناعم وثالثة للدكتور عبد الرحمن بيطار رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص ثم كلمة للناقد نذير جعفر .
أما الدراسات المنشورة في الكتاب فهي على التوالي : دراسة بعنوان مجموعته الشعرية (مهرجان الأبواب )للأديب يوسف مصطفى.ثم دراسة للدكتور دريد يحيى الخواجة بعنوان الرمز في« تنويعات على وتر الجرح »وقضايا فنية أخرى .ثم مقالة للشاعر ممدوح السكاف بعنوان آفاق الحداثة في ديوان «دارة» للشاعر عبد الكريم الناعم .ثم دراسة للدكتور خالد محي الدين البرادعي بعنوان ذاكرة الشعر تجدد ألقها في «ذاكرة النهر» وهي مجموعة شعرية للناعم أيضاً.ودراسة للدكتور خليل موسى بعنوان السيرة الذاتية شعراً أيضا في «ذاكرة النهر» .ومقالة ثانية للدكتور خليل موسى بعنوان الصلوات الشعرية في «مائدة الفحم » أيضا مجموعة شعرية للشاعر الناعم .
ثم مقالة أخرى للشاعر أحمد دحبور بعنوان : عبد الكريم الناعم وسيرة شعرية من «ذاكرة النهر »نشرت سابقا في جريدة الحياة الجديدة التي تصدر في فلسطين المحتلة بتاريخ 20/11/ 2002وهي دراسات منتقاة بعناية فيها نقد تطبيقي أكاديمي لبعض نتاجات الناعم الشعرية.
شهادات
ثم خصص معدّ الكتاب الدكتور نضال الصالح كما ذكرنا باباً لشهادة الأدباء في تجربة الشاعر المحتفى به الأستاذ عبد الكريم الناعم وهي على التوالي للأدباء :خالد أبو خالد والدكتور رضوان القضماني والمسرحي العتيق فرحان بلبل والأديب محمد بري العواني والشاعر محمد الفهد ثم شهادة للدكتور حسان الجودي .
قصائد
وفي نهاية الكتاب قصيدتان قيلتا في الشاعر الناعم لكل من الشاعرين حسن بعيتي ومحمد علي خضور من قصيدة الأخير نقتطف: «نداماه: ديك الجن ..حمص ونهرها /وجبة صوفي بها عطر ربه/تعمد في ماء الخلود وأمسكت / به امرأة سمراء من جذر قلبه /يسافر عبر اللازمان بوعيه /ويقطر ماء الشعر من نار شيبه/وإن قال: (لا أجني جناية والدي /عليَّ سرت كل الفحول بصلبه/فما زال طفلاُ للمعري شاعر /يئن كما أن الرحى حول قطبه .»
مقتطفات من سيرة الناعم
ولد الشاعر عبد الكريم الناعم في قرية (حَربنَفسه) التابعة لمحافظة حماه عام 1935تركها والده ليستقر في حمص عام 1949من أجل توفير بيئة تعليمية أفضل للأسرة,عمل في التعليم والصحافة والإذاعة ,صدر له تسع عشرة مجموعة شعرية وكتابان في النقد التنظيري والتطبيقي وكتاب واحد (شعر وعتابا)باللهجة المحكية البدوية ,وكتاب مدارات سيرة زمن من الطفولة حتى 8/3/1963,عده الدارسون والنقاد السوريون والعرب رائداً من شعراء الحداثة ودعي إلى العديد من الندوات والمهرجانات في سورية وخارجها ولايزال يكتب في الكثير من الدوريات والمجلات ويواظب على الكتابة في الزاوية الاخيرة في جريدة العروبة.
كلمة المكرم تشي بمعدنه
يضم الكتاب في البدء كما ذكرنا الكلمة التي ألقاها الشاعر عبد الكريم الناعم في حفل تكريمه في المركز الثقافي العربي في حمص في 12/10/ 2017.ومن يقرأها منذ أول سطر يدرك أنه أمام معدن نفيس من الأدباء الذين لم يتزحزحوا قيد حرف عن مواقفهم ومبادئهم في حرب ضروس لونت في بداياتها قسماً كبيراً من الأدباء باللون الرمادي ,لكن أديبنا ظل وفياً لقضيته ولمهنته دون مواربة فيقول في مقدمة كلمته : بداية أحمد الله أنني عشت حتى رأيت مؤامرة الخراب والتدمير ,وهي تولي ظهرها مقهورة مندحرة ,وكم تضرعت إلى الله في سرِّي ,أن يمد في أجلي حتى أرى هذا الإنكفاء.
وما نلاحظه من خلال هذا الاستهلال أن الشاعر الناعم لم يحتفِ بنفسه مكرماً ولا بالتكريم بحدّ ذاته بقدر حفاوته بأن الله قد مدَّ في عمره _أطال الله عمره _حتى رأى اندحار هذه المؤامرة ,وهذا دليل عفوي على سيطرة صدى هذه المؤامرة على تفكير أديبنا منذ أول رصاصة سُمع دويها في حمصنا العدية ,وهو من الكتاب القلائل الذين استمروا في الكتابة في جريدة العروبة حتى في أشد اللحظات حلكة عندما شُلت الحياة في حمص وتوقف كل شيء فيها بانتظار قرار حسم عسكري بقيت حمص تنبض بكتابها النبلاء ومنهم الشاعر عبد الكريم الناعم .
صوت شعري مفرد بذاته
كلمة الدكتور نضال الصالح التي ألقاها في حفل التكريم ركز فيها على فرادة الشاعر الناعم في نتاجاته الشعرية والنقدية وعدد مراحل فتنته بأدب الشاعر الناعم منذ أول مجموعة شعرية قرأها له بعنوان «زهرة النار » الصادرة عام 1965عن وزارة الثقافة في سورية ,وبين أن الناعم خلص الكتابة الشعرية من تقاليدها المتواترة وذكر خمس علامات كبرى لتجربة الناعم هي : «تعبير التجربة عن مخزون معرفي رفيع بالموروث الشعري وعن كفاءة عالية في وعي مبدعها بالحداثة بوصفها ضرورة للخلاص من وطأة المستقر والثابت ,ولكن من دون الامتثال لمغامرتها جميعاً ,بل بالاصطفاء من تلك المغامرات ما يعلي من شأن الهوية الخاصة بالكتابة الشعرية العربية ثم حرصها ,بل حرص مبدعها على نحو أدق ,على التشبّث بالجذر في فن الشعر ,أي الإيقاع ،ليس كما قونن الفراهيدي لذلك, ولا كما تمخضت عنه محاولات الخروج عن تلك القوانين في عقد الخمسينيات من القرن الفائت وما بعد, بل الإيقاع المنبثق من داخل الجملة الشعرية,حتى لو كانت تلك الجملة مفردة فحسب ,فذلك الحضور الواضح لفن آخر هو السرد في غير قليل من نصوص الشاعر, ولغير شكل من أشكال التفاعل النصي , ولا سيما التناص ,ثم ثراء النص بغير تأويل مهما يكن من أمر أن ثمة معنى ظاهراُ ومركزياً, يجهر به وليس أخيراً انتسابه _أي النص _ إلى الشاعر وحده أي بوصف الناعم صوتاً بنفسه ودالاً بالنص عليه, وعليه وحده . ص12
أخيراً
أستاذي الكبير والشفاف هديتك التي أرسلتها لي _نسخة من الكتاب_ موقعة باسمي هي الأغلى على قلبي هذا العام… الأشياء النفيسة هي التي لا ثمن لها ,وأحمد الله على هذا الكتاب الذي قرأته نبضاً ..نبضاً فكل من شارك فيه كتب بقلبه لا بقلمه ,وقد هوَّن علي المهمة التي شرفني بها رئيس التحرير بإجراء حوار مع قامة نبيلة مثل الشاعر عبد الكريم الناعم ,فشكراً لك على الهدية .
ميمونة العلي
المزيد...