أصبح مشهد الطفل ذو الأعوام الأربعة وهو يمرر إصبعه الصغير على الشاشة الصغيرة المضيئة مألوفا ،وقد يثيرك الفضول لتقترب منه وتشاهد ما يفعل وعندما تسأل الأهل باستغراب ،يقولون : إنه يتابع برامج الأطفال ،ويؤكدون أنه ماهر باستخدام الموبايل بالأمس كان الأطفال يستمتعون بتقليب صفحات الكتب المليئة بالصور الملونة، والاستماع بشغف إلى حكايا الأمهات والجدات، أما اليوم فقد ازداد عدد الأطفال الذين ينقرون على شاشات الهاتف المحمول، ويمضون الساعات في صحبتها هو تطور تكنولوجي، لكن…
المتابعون والمهتمون بصحة الطفل الجسدية والفكرية يدقون ناقوس الخطر، والآباء في حالة من القلق والانزعاج تخوفاً من تأثير ذلك على أطفالهم جسدياً ونفسياً، وعلى دراستهم وعلاقاتهم الاجتماعية أيضاً
حول هذا الموضوع تناولنا آراء بعض الأهالي وكيفية تعاملهم مع هذه الظاهر.
أمل الحسين – موظفة قالت : مع انتشار الهاتف المحمول في كل مكان على نحو متزايد في جيوب الأطفال والمراهقين، ومع إتاحة الوصول إلى الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل بسيط وسهل أصبح من الضروري أن ينتبه الأهل إلى أهمية مراقبة استخدام أطفالهم للهاتف المحمول بطريقة غير مباشرة ولاتلفت الانتباه ، وتحديد أوقات استخدام الطفل للهاتف المحمول كعطلة نهاية الأسبوع ، حتى لاينشغل عن دراسته، أو واجباته سواء باللهو فيه أو الاتصال بالإنترنت، أو الاستماع للموسيقا ..
وهناك بعض الآراء وجدت إيجابيات متنوعة لامتلاك الأطفال الموبايل فقد أكدت نسرين محمد – موظفة أنه يساهم بالتواصل للاطمئنان على الطفل إذا ما كان خارج المنزل كالذهاب إلى بيت أحد أصدقائه أو في رحلة مدرسية.
وأضاف أكرم حيدر – أعمال حرة أن الطفل يستطيع اللجوء إلى المساعدة عند تعرضه لموقف طارئ يستدعي القلق، فيقوم الطفل بالاتصال بأحد الأشخاص الذين يعرفهم طالباً المساعدة.
وأوضحت سميرة حسن – مدرّسة أن الموبايل يساهم باتصال الطفل مع العالم الخارجي، وتطوير أفكاره و تبادلها من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي والإنترنت،لأن اشتراكه في مواقع إخبارية ،أو فيما يخص دراسته أو حتى هواياته من الممكن أن يساعده على تطوير أفكاره بشكل ملحوظ وكذلك بإمكان الطفل عند اقتنائه الموبايل أن يلجأ إلى المساعدة التعليمية من خلال الإنترنت ومحركات البحث في حال كان ملتحقا بالمدرسة .
وحول الأمر الذي أصبح ينطبق على الجميع لابد من رأي أهل الاختصاص : فاتن محمد – مرشدة نفسية قالت : أول شيء يفكر فيه الطفل الآن – من عمر 11 أو 12 عاما -هو الحصول على هاتف محمول، وهذا أمر طبيعي فهو يشاهد والدته ووالده يستخدمانه طوال الوقت، والأمر نفسه مع مدرسيه أو حتى زملائه ممن سبقوه وحصلوا على موبايل، وقبل ذلك بكثير عندما كانت الأم تستخدمه في تهدئته وإسكاته في السن الصغيرة، لذلك سيضطر الأهل عاجلا أو آجلا لتلبية رغبته. وسيقتصر دورهم على حمايته من مخاطر التعرض لمحتويات لا تناسب سنه، وفي الوقت نفسه لا يؤثر على أداء مهامه وأنشطته المختلفة.
وبعد استعراض الآراء المختلفة كان لنا لقاء مع الدكتور مهند إبراهيم – رئيس قسم الإرشاد النفسي في كلية التربية – جامعة البعث الذي قال : يعد استخدام الأطفال والمراهقين للموبايل من المواضيع المهمة التي تلامس حياة الطفل والأسرة على حد سواء ، وأشارت الإحصاءات الرقمية إلى ارتفاع نسبة فئة الأطفال المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي عبر شبكة الانترنت على المستوى العالمي.
وأضاف : تعاني الأسر العربية من مشكلة إدمان أطفالها على الشبكة لدرجة تفضيلهم لها على حضن الأم والجلسات الأسرية وأكدت العديد من الدراسات على حدوث القطيعة الكبيرة بين الأطفال المستخدمين للشبكة (من خلال الايباد او الموبايل ) والمحيط الاجتماعي وأكثر ما يتناوله الأطفال هو الألعاب الالكترونية وبالنظر إلى آثارها السلبية نجد أنها عرضت الكثير من الأطفال إلى مشكلة الإدمان والتي بدورها لها أثار سلبية كبيرة على حياة الطفل منها : تقليل الحركة والنشاط البدني للطفل مما يؤدي إلى انتشار السمنة والأمراض المرتبطة بها ، واضطراب أوقات النوم والسهر الطويل ،واكتساب عادات سيئة كونها ثقافة مشوهة ،وكذلك تعرض الأطفال والمراهقين للتنمر الالكتروني وقد صنف إدمان الألعاب الإلكترونية مؤخرا كمرض نفسي وهنا تم طرح العديد من المقترحات للوقاية من مخاطر الاستعمال الطويل لوسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية منها : تقوية دور الأسرة وفاعليتها و حماية الأطفال من العنف وسوء المعاملة وتحديد أوقات معينة لاستخدام الشبكات والابتعاد عن الإسراف في قضاء أوقات طويلة مما يؤدي إلى ظهور مشكلات ، ولابد من مراقبة نشاطات الطفل بشكل مستمر ، وكذلك نشر الوعي بين الآباء والأمهات حول المشاكل الصحية و النفسية و الاجتماعية التي يتعرض لها الأطفال جراء التعرض الكثيف لمواقف العنف المبرمج من الشابكة.
العروبة – منار الناعمة