المتابع اليوم لحركة الأسواق يدرك أنها تسير ” خبط عشواء ” وباعة المواد المعروضة بأنواعها الغذائية وغير الغذائية وحتى الكمالية يحددون السعر كل على هواه بحيث يحقق البائع أعلى نسبة ربح من المواطن ” المعتر ” .
الطامة الكبرى عندما تسأل البائع عن سبب هذا الغلاء المفاجئ والسريع وأحيانا نفس المادة يتفاوت سعرها من محل لآخر تصاب بالذهول عند رده عليك إذ تخال نفسك تغرد خارج السرب وأنت بعيد كل البعد عن الواقع الحالي وخارج إطار الزمان والمكان الذي تعيش فيه وسرعان ما يقول لك بلهجة فيها تعجب واستهجان: ألا ترى الأسعار ! والبضاعة بصعوبة حصلنا عليها ومرتفعة من المصدر أي من التاجر !!
وغالبا ما يقول لك في ختام المجادلة بينك وبينه وطبعا أنت الخاسر في المحصلة لأن حاجتك للمادة تجعلك تنسحب وتضطر لشرائها ” مرغما أخاك لابطل ” و”على عينك ياتاجر” : ” على راحتك وسيان إن اشتريت أم لم تشتر ”
المراقب لأسواقنا وحركتها يدرك تماما أنها غائبة عن أعين الرقابة بشكل يكاد يكون شبه معدوم ولهذا السبب ترى الأسعار فيها غير مستقرة ومتفاوتة ومتصاعدة يوميا دون أية ضوابط أو مقاييس محددة .
وعندما تتوجه إلى مؤسسات التدخل الايجابي وعلى رأسها صالات السورية للتجارة علك تجد ضالتك لكن هيهات إذ تفاجأ في غالب الأحيان أن المادة المطلوبة غير متوفرة أو أسعارها تكاد تكون كمثيلاتها في السوق “خارج الصالة ” فترد على أعقابك و”كأنك يا أبا زيد ما غزيت” .
اليوم عدم الاستقرار وارتفاع الأسعار العنوان العريض لأسواقنا علما أنها تعج بمختلف المواد الاستهلاكية وغير الاستهلاكية وبمختلف الأصناف والأشكال فجميع متطلبات الأسرة متوفرة لكن المشكلة التي تواجه المواطن هي الارتفاع الجنوني للأسعار مع إشراقة كل صباح جديد حتى غدا في حيرة من أمره جراء الحال التي وصلت إليها الأسواق وأصابته بالشلل لأنه أصبح غير قادر على تأمين لقمة عيشه وعيش أولاده ويقف عاجزا أمام هول ما يحدث أمامه وكل يوم ينتظر القادم من الأيام عله يحمل له قليلا من الأمل وتحسن الأحوال .
لاشك أن هناك أنظمة وقوانين ناظمة لحركة الأسواق تضبط إيقاعها والهدف منها تحقيق الاستقرار في الأسعار ومكافحة حالات الغش والتلاعب بقوت المواطن وردع كل من تسول له نفسه استغلال حاجاته الضرورية لكن للأسف الشديد هذه القوانين والإجراءات تبقى حبرا على ورق إذا بقيت طي الأدراج ولم يتم تفعيلها والعمل بمضمونها .
لقد آن الأوان للجهات الرقابية بكافة مفاصلها أن تطبق الأنظمة والقوانين الرادعة التي من شأنها تحقيق مصلحة الوطن والمواطن .
إن غياب المحاسبة والتهاون في تطبيق الأنظمة والقوانين يؤدي للفوضى والتلاعب بقوت المواطن وعدم تحقيق الاستقرار المنشود لذلك على الجهات المعنية أن تؤدي دورها على أكمل وجه دون أي تهاون أو تقصير وألا تنتظر وصول الشكاوى إليها حتى تقوم بدورها المطلوب وإلا لن نحصد غير السراب والمزيد من خيبات الأمل والتراجع السلبي نحو الأسوأ.
محمود الشاعر