مازلنا نغذ الخطا سيراً على الأقدام ولمسافات طويلة بعد أن أصبحت حركة السير قليلة مما يشكل معاناة حقيقية للمواطن الذي أصيب بالإحباط التام كونه يقضي نهاره لاهثاً وراءها بعد أن ازدحمت المدن بالسكان وتوقف الكثير من السرافيس عن العمل لأسباب معروفة أهمها ارتفاع سعر المازوت وبيعه من قبل السائقين في السوق السوداء .. فهذا يعني أن تكافح باستمرار في معركة أبدية مع الدوام لتصل في الوقت المناسب.
أما يكفيك ما تواجهه في معركتك مع الشوارع المحفرة والأرصفة المتكسرة التي تضطرك لأن تقفز قفزاً فوق البرك قبل أن ترش لطخها وتلوث ثيابك مع هطول أول مطرة شتاء ، ما يعني أن تندب حظك وتجعلك تنتقد أعضاء مجالس البلديات في الأحياء الذين لم يسعوا لتأهيل الشوارع والأرصفة التي اتسعت حفرها وتهالكت وتهلهلت ، فبالكاد تشق طريقك وتجد لنفسك مكاناً نظيفاً وسط حشد وازدحام واكتظاظ الركاب المنتظرين الذين باتوا كتلة من الأجساد التي تتنفس وتتألم وتتعرق صيفاً ، بل وتبتل وتتسخ شتاء ، ليفيقوا من كابوسهم بعد أن يجدوا لهم مكاناً في حافلة النقل يعودون بعدها منهكين ومندهشين من طول انتظار ومشاكل يومية يعانونها ليس في الأرياف فقط بل انسحب البلل إلى المدن يحاولون فيها فك رموز المعاناة التي لم تعد فيها مشكلة السير والحفر تدخل في الصراع بل بات المواطن كجبل محمل بكل أنواع الهموم يعمل كثيراً وينجز قليلاً يبذل قصارى جهده كي لا يصاب بالإحباط والاكتئاب ، ليعود ويحدق في السماء لعلها تصفو وترسل شمسها فيبادلها الاعتذار كما هو دأبه في هذه الحياة الصعبة .
عفاف حلاس