دهمان يشخص مشاكل تراجع القراءة وضعف تداول اللغة العربية الفصحى ويجترح الحلول

أسئلة كثيرة وغنية أثارتها محاضرة الدكتور أحمد دهمان في فرع اتحاد الكتاب العرب في حمص والمعنونة ب»اللغة العربية والكتاب ..الواقع والطموح «بين فيها أهمية القراءة ودوافعها وعلاقتها باللغة العربية الفصحى ,وشرح الأسباب التي أوصلت القارىء لمرحلة الضعف وسدد سهامه صوب دور النشر وتدني سوية الكتب وغلائها وبين أهمية اللغة العربية قديماً وحديثاً ,فهي لغة حية مبدعة قابلة للتعليم والتعلّم في الحاضر كما كانت في الماضي ,وبين أن التشاؤم يسيطر عليه كلما دقق لغوياً رسائل الماجستير في الجامعة حيث يكتشف فيها كوارث لغوية من الأخطاء الواضحة كالشمس, وهذا دليل ضعف حتى عند الأكاديميين مبيناً أن صفة العالم في السابق لم تكن تُطلق على الدارس إلا إذا كان خبيراً في علوم اللغة بالإضافة لخبرته في العلوم الأُخرى .
مظاهر الضعف اللغوي
عدد المحاضر دهمان مظاهر الضعف اللغوي مبيناً فوضى المصطلحات اللغوية لا سيما عند غير المختصين ,وقد اكتشف ذلك من تجربته في تدريس اللغة العربية لغير المختصين في الجامعة مبيناً أن هدف هذه التجربة نبيل يرمي لوضع مفاهيم اللغة العربية في متناول الطلاب لإغناء ما لديهم من معارف ,مبيناً أن هذه التجربة وقعت في الكثير من المطبات لأسباب عديدة منها شعور الطالب في الكليات غير المختصة باللغة العربية بأن هذه المادة مقحمة في المنهاج ,وبالتالي لا يعطيها الوقت والجهد الكافيين ,وكذلك عدم خبرة بعض المكلفين بتدريس تلك المادة في بعض الكليات ,وهذا يختلف من مدرس إلى آخر تبعاً لطرائق التدريس.
وقد كان لدى المحاضر الجرأة ليعترف بتفاوت مستويات من كان يكلفهم للتدريس في الكليات غير المختصة باللغة العربية عندما كان عميداً لكلية الآداب والعلوم الإنسانية فبعض المدرسين لا يملك الآلية التي تحبب الطالب بالمادة وتشعره بأهميتها وهذا احد أسباب تراجع اهتمام الطالب بلغته العربية .
الإعداد السريع للكتاب الجامعي مشكلة
شرّح الدكتور دهمان أسباب تراجع القراءة وضعف رغبة الطلاب الجامعيين في الحصول على الثقافة ,وبين أن الوقت القصير الذي يمنح لعضو الهيئة التدريسية لوضع الكتاب الجامعي هو أحد أسباب ضعف بعض الكتب الجامعية التي تدرس في الجامعة منذ الثمانينات ,ولم يتم إجراء أي تغيير عليها رغم تطور العلم وهذا ينطبق على الكليات النظرية والتطبيقية ,فبقي الكتاب الجامعي متخلفاً عن ركب الحضارة ,وبالتالي أصبح مصدر قلق للطالب مما جعله فريسة سهلة للملخصات التي تباع في نفق الجامعة وتحتوي على نقص في المعلومات عدا عن الأخطاء الكبيرة فهي ملخص عن المحاضرة يقدمه طالب يدعي حضوره لها وبالتالي نسبة الخطأ كبيرة جداً ,مبيناً أن الترجمة وخاصة للمصطلحات العلمية غير مفهومة بالصورة المثلى وخاصة في الأدب الحديث.
حلول
وضع المحاضر بعض الحلول لمعالجة ضعف اللغة العربية الفصحى لدى الجيل الجديد, من أجل رفع مستوى الأداء والتحصيل في مناهج اللغة العربية والعلوم الأخرى . ومنها بث الوعي الوطني والقومي لأهمية اللغة العربية الفصحى وحمل الطلاب على الإحساس بقداسة اللغة العربية فضياعها يؤدي لضياعهم ,مؤكداً ضرورة التنسيق بين المؤسسات التربوية والجامعية في هذا الشأن ,ورأى ضرورة كبيرة في رفع كفاءة المدرس والمعلم ,وتكليف المتخصصين من الأساتذة لوضع المناهج ,وتقويم الكتاب الجامعي والارتقاء بالمستوى الذوقي للطلاب ,والوقوف بوجه الصيحات التي تنادي بتسهيل تعليم اللغة العربية, ورأى ضرورة كبيرة بإلزام التدريس باللغة العربية الفصحى,والاهتمام بالخطاب الإعلامي , مبيناً حجم الأخطاء الشائعة الموجودة في الصحف والإذاعات والمحطات المتلفزة , و ضرورة تعميم ما تقره مجامع اللغة العربية فيما يتصل بالتعريب, مبيناً الجور في مقولة أننا أمة لا تقرأ فنحن من أكثر الأمم كتابة منذ الجرجاني والجاحظ فلماذا تغيرت اهتماماتنا اليوم .
بين من يكتب ومن يقرأ
تطرق المحاضر لظروف الكتّاب الذين عزفوا في الكثير من الأحيان عن طباعة الكتب لأسباب كثيرة مبيناُ حجم السرقات الذي يتعرض له المؤلفون الحقيقيون للكتب في ظل عدم قدرتهم على نشر وطباعة إبداعهم ,وضرورة حماية الملكية الفكرية مطالباً بتوفير الظروف الملائمة لكل من يطبع ويكتب ولمن يقرأ أيضاً ,فالثقافة ليست حكراً على من هم داخل أسوار الجامعات ,حتى نتمكن من إعادة أمتنا لمكانتها الحقيقية بين الأمم وإلى ما كانت عليه من أمة تحتفي بالجديد ولا تلقي بالاً للمحاكاة مشخصا ً جوهر المشكلة في أن الطالب يدرس لينجح وليس ليتعلم .
تعميم التحدث بالفصحى
نقاشات كثيرة أثارتها المحاضرة لدى الحضور النوعي كما ذكرنا آنفاً,فركزت إحدى المداخلات على العتب الكبير على وسائل الإعلام التي تبث باللهجة العامية بحجة الشعبوية والقرب أكثر من الناس ,وفي هذا التصرف إبعاد للغة العربية الفصحى عن التداول , في حين طالب الروائي فيصل الجردي بإصدار قرار يعمم بموجبه التحدث باللغة العربية الفصحى في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية حتى نتمكن من إعادة الرغبة للتحدث بالفصحى وجعلها لغة للتداول ,ورأى أن مثل هذا القرار في حال إصداره سيكون الدواء الناجع . في حين ركزت إحدى المداخلات على ضعف المناهج الحالية في التعليم حيث كان منهاج «السرتفيكا» يفرض على الطالب حفظ أجزاء من القرآن الكريم وحفظ المعلقات العشر .وبينت إحدى المداخلات أن الأسرة ملامة في هذا الجانب فهي التي تربي أولادها على مواقع التواصل بعيداً عن الكتاب والمطالعة وبذلك يتربى الطالب على عدم احترام اللغة العربية الفصحى , فقد يتعرض أي ناطق بها حتى في حصة اللغة العربية إلى السخرية من قبل أقرانه. وفي النهاية نتمنى لكل هذا الحراك الذي يصب في الذود عن حياض اللغة العربية الفصحى من محاضرات وندوات ومعارض كتب أن يلاقي نجاحاً وآذاناً صاغية وأن تعود أمة اقرأ للقراءة .
ميمونة العلي

المزيد...
آخر الأخبار